السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

العرب.. والتحديات الثلاثة

تمر المنطقة العربية بفترة تحولات حادة وعميقة، تتمحور بالدرجة الأولى في مجابهة أجندات إقليمية تسعى للتوسع مستفيدة من معطيات داخلية وخارجية عديدة، منحتها حالة الارتباك التي تسود السياسة العالمية فرصة سانحة للتفكير بإعادة تموضعها على خارطة النفوذ.

وفيما بات الحديث عن مشاريع تركيا وإيران في المنطقة أمراً ملموساً وليس مجرد تكهنات نابعة من «نظرية المؤامرة» سيئة السمعة، التي بنى عليها كثير من الساسة العرب لعقود تلال الفشل السياسي في مواجهة التحديات الحقيقية، التي كانت ولا تزال تعصف بالمنطقة، تُبرز العديد من التهديدات المباشرة التي قد تحمل في طياتها تحولات جارفة وتداعيات مستمرة، قد تصبح جزءاً من مشهد مضطرب للعام المقبل أو نهاية العام الجاري.

وتأتي التطورات في الملف الليبي في مقدمة المخاطر المحتملة التي تنبئ بصدام مباشر بين مصر ومن خلفها العرب من جهة وتركيا والجماعات المرتبطة بها من جهة أخرى، وهو الصدام الذي سينقل الصراع السياسي والإعلامي الذي شهدناه بين محور «تركيا - قطر - جماعات الإسلام السياسي» والعرب إلى مستوى أخطر من التعقيدات التي تشير المعطيات الأولى إلى أن تحريك الفوضى الداخلية وملف الإرهاب ربما يكون حاضراً فيها، كما حدث في هجوم سيناء الأخير الذي هدف إلى توجيه رسالة مفادها: أن خيارات المشروع الذي تقوده «أنقرة» بلا سقف أخلاقي، وأنه سيحارب بكل أدواته المعلنة والخفية في معركة تستهدف كسر إرادة العرب كأمة وأنظمة سياسية ملتزمة بمعايير السياسة الدولية.


وبالتوازي مع التهديدات المرتبطة بالنشاط التركي المريب في المنطقة وتحديداً في ليبيا، تبرز قضية سد النهضة الذي يحمل في طياته بُعْداً قد يتجاوز متطلبات التنمية في البلد الأفريقي المتخم بالمشاكل، والذي كشفت تصريحات قادته في التعامل مع مخاوف مصر والسودان المشروعة عن حالة استخفاف سياسي غير مسبوقة، قد تُفضي إلى مواجهة تتجاوز الأبعاد الجيو- سياسية للأمن المائي إلى ما هو أبعد.


أما التحدي الثالث الذي ربما يكون بانتظار العرب في المرحلة المقبلة، فهو مرتبط بالتحولات الأشمل على الصعيد الدولي مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، وتصاعد مؤشرات على تغيرات قد تطرأ على موقف الإدارة الأمريكية في حال فوز الحزب الديمقراطي ومرشحه للرئاسة جو بادين، الذي بعث برسائل متناقضة ومثيرة للقلق حول تبدل الموقف الأمريكي تجاه إيران واستئناف سياسة دعم «الفوضى الخلاقة» عبر التيارات الدينية في الشرق الأوسط، التي ابتدعتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كما كشفت وثائق سرية مسربة.