الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

القوة.. دفاعاً عن الأمن

الأمن العربي هو الذي جعل قرار مصر بعيداً عن حسابات المكاسب والخسائر

الأمن القومي المصري في الداخل مستمد من دول الجوار، فطالما دول الجوار مستقرة فإن مصر تنعم بالاستقرار، هكذا علَّمنا التاريخ البعيد والقريب، وهكذا علمتنا العقيدة العسكرية المصرية، التي لا تتدخل إلا إذا طُلب منها، حدث ذلك في حرب 1948 في فلسطين ضد العصابات الصهيونية، وفي حرب تحرير الكويت سنة 1991.

وكان الأمن العربي هو الذي جعل قرارها دائماً بعيداً عن حسابات المكاسب والخسائر تدعيماً لقيمها ومبادئها وعقيدتها الراسخة.


وبعد التهديد التركي الواضح لخطوط مصر الحمراء، سواء في ليبيا أو في منطقة البحر الأبيض المتوسط، جاء الدافع المصري لتأكيد الجاهزية، ودق طبول «الاستعداد للحرب» والذي لم يأتِ من فراغ، فالعقيدة المصرية العسكرية تعلَّمت ألا تكون البادئة أبداً، وألا تكون المعتدية، ونعلم كم كلَّفتنا تلك العقيدة في حرب الأيام الستة في 1967، عندما استمع المصريون لقادة العالم بألا نكون البادئين، في حين باغتتنا إسرائيل بضرباتها.


الدافع المصري لتأكيد الجاهزية الآن لا يؤكد أن الحرب آتية لا محالة، بل يعطي إشارات لعدد كبير من الجبهات.

الإشارة الأولى سياسية بالتأكيد، حيث تسعى مصر لأن تعيد دورها الإيجابي في المنطقة العربية والأفريقية، ومشاركة الرئيس المصري ومسؤولي الدولة في أكثر من لقاء سياسي في هذا الإطار يؤكد هذا الكلام، ولأن اللقاءات السياسية والدبلوماسية تحتاج إلى دعم قوي، فإن قوة الجيش المصري (المصنف التاسع عالمياً حسب تصنيف جلوبال باور أفيير)، هي بالتأكيد داعمة لهذا الوضع السياسي الذي تبنيه مصر الآن.

الإشارة الثانية داخلية، أي موجَّهة للشعب المصري، فلقد ظهرت قوة الجيش المصري بشكل واضح للمصريين، بعد خروج انتقادات عن أولويات الإنفاق، فريق مصري ليس بصغير كان ينتقد مسألة أن تنفق مصر هذا الكم الكبير من الأموال على أسلحة، وصفوها بغير المستخدمة، وأشاروا في هذا الإطار إلى صفقات طائرات الرافال الفرنسية، والقطع البحرية الألمانية (مسترال) وغيرها، ونصحوا الدولة المصرية أن توجِّه هذا الإنفاق إلى بعض المرافق التي تعاني من التهالك، مثل القطاع الصحي والتعليمي.

القيادة المصرية أثبتت أن هذا الإنفاق العسكري على قدر الأهمية يتوازى مع الإنفاق على المرافق الأخرى، وبالفعل مصر الآن، ورغم أزمات كورونا وغيرها، تحاول التوازن بين الإنفاق على الخدمات المهمة والحيوية، وبين الإنفاق على التسليح الذي صار من ضروريات التواجد في هذه البقعة الملتهبة في العالم.