الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مصير الانتخابات الرئاسية الأمريكية

منذ دخوله البيت الأبيض، وربما من قبل، كان الرئيس ترامب مثيراً للقضايا الخلافية، وسواء كان مرد ذلك أنه رجل قادم من خارج أطر النخبة السياسية التقليدية، أو لكونه يفكر بعقلية رجل الأعمال عوضاً عن السياسي، فالمؤكد في كل الأحوال إثارته لقضايا عديدة طولاً وعرضاً، لم يثرها رئيس في العقود الأخيرة مثله.

آخر الصرعات الترامبية إن جاز التعبير، ذلك الغبار الذي أثاره مرة جديدة قبل بضعة أيام بشان الانتخابات الرئاسية في نوفمبر وهل ستتم في موعدها أم ينبغي أن يتغير الموعد بالتأجيل إلى وقت لاحق.

الجزئية التي يتمترس ترامب أمامها وقد كانت سبب خلافه مع تويتر قبل بضعة أسابيع، هي تشكيكه في نزاهة الانتخابات عبر الاقتراع البريدي.

والمعروف أن إحدى الوسائل التي يمكن للمواطن الأمريكي أن يقترع من خلالها لاختيار الرئيس الجديد، هي التصويت عبر البطاقات التي ترسل بالبريد، والذين لديهم علم من كُتاب بأهمية هيئة البريد في الولايات المتحدة الأمريكية، يدركون كيف أنها تمثل عصباً للحياة هناك.

لماذا يخشى ترامب من التصويت عبر البريد، وهل هذا الشكل تحديداً سيكون هو المفضل لدى الأمريكيين في نوفمبر المقبل؟

الجواب، بداية، مشروط بالمدى الذي يمكن أن يتفشى فيه فيروس كوفيد-19 المستجد في الداخل الأمريكي، فقد بلغت الإصابات حتى اليوم أكثر من 4.5 مليون مصاب، وأزيد من 150 ألف ضحية، وهناك حديث عن تسارع رهيب في حالات الوفيات وتقديرات بوصول الرقم إلى 230 ألفاً في نوفمبر القادم، وما من أحد قادر على القطع بأن هناك موجة ثانية من الفيروس قادمة أم لا، وكيف سيكون حال البلاد والعباد إذا انتشر بشكل أسرع وأقسى مما هو حادث الآن، وهل سيكون من المقبول تنظيم انتخابات من الأصل، أم أن الإدارة الأمريكية ستجد أنه حفاظ على أرواح الأمريكيين أمام تأجيل حتمي للأمر.

في كل الأحوال، إذا لم تضرب الجائحة أمريكا بقوة، وظلت الأوضاع على نفس معدلاتها الحالية أو تراجعت قليلاً، فإن نسبة عالية جداً من الأمريكيين سيفضلون تلقائياً التصويت عبر البريد، وذلك تجنباً للوقوف في صفوف الاقتراع، والتعرض لالتقاط الفيروس الشائه الذي أرعب قلوب الأمريكيين.

هنا يحاجج ترامب بأن الأمر قد يكون عرضة لتزوير إرادة الناخبين الأمريكيين، من خلال تبديل أوراق الاقتراع، رغم الإجراءات القضائية والرقابية على تلك الصناديق.

ترامب رئيس مسكون بالهواجس عند ملايين من الأمريكيين، الذين يرون أنه يتخيل ويتصور أفكاراً من بنات عقله ولا أساس لها من الصحة، ومنها محاولات الديمقراطيين تزوير الانتخابات لطرده من البيت الأبيض.

لكن هناك حقيقة أخرى قائمة ومخيفة بالفعل، ذلك أن ملايين آخرين من الأمريكيين المناصرين لترامب يرون أن الرجل على حق، وأن الدولة الأمريكية العميقة تعمل جاهدة على زعزعة ثقة الناخب الأمريكي فيه.

أنصار هذا التوجه يرتكزون ارتكازاً قوياً على ما عرف مؤخراً باسم «أوباما - غيت»، فقد تبين للأمريكيين أن باراك أوباما سخر كافة أدوات إدارته حتى 2016 من أجل العمل على إخفاق ترامب، وتنصيب وزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون شريكته في القصص الخفية لدعم الأصوليات الإسلاموية في الشرق الأوسط برباطات وثيقة وقوية، كأول رئيسة للبلاد.

الكونغرس فقط من له حق تقرير تأجيل الانتخابات، لكن في كل الأحوال يبدو أننا أمام انتخابات تمثل حجر عثرة وتشظياً وانقساماً للمجتمع الأمريكي، وغداً لناظره قريب.