السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

انتخابات العراق المبكّرة

الأولويات في العراق في حالة تغير مستمر، لذلك من الصعب النظر إلى إعلان رئيس الحكومة عن تحديد موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في 6 يونيو المقبل، على أنه السقف الواقعي لعودة الاستقرار في العراق أو أنه مفتاح الحل.

ذلك أن الانتفاضة الشعبية التي راح ضحيتها المئات منذ أكتوبر الماضي لم تُطرح الانتخابات المبكّرة كمطلب مُلح، فالعراقيون كانوا يبحثون عن مسارات جديدة للخروج من واقع مأساوي في تردي الخدمات والفساد، فضلاً عن التصفيات وانتشار السلاح بيد الميليشيات، وكشف ملفات لا تسقط بالتقادم الزمني تخص فترة احتلال داعش الإرهابي ثلث العراق الذي أسفر عن مجزرة سبايكر وضحاياها 1700 شاب جميعهم من شيعة العراق في الكلية العسكرية للطيران، لكن الأطراف السياسية المؤسساتية وبالتنسيق مع مبعوثة الأمم المتحدة سعت إلى محاولة لاحتواء الغليان الشعبي واختلال وضع الأمن، فدفعت باتجاه حلول «دستورية»، منها إجراء الانتخابات المبكرة لعودة الهدوء إلى الشارع، غير أن مقتل المئات في أشهر قليلة زاد على المطالب مطلباً باتت تلبيته صعبة مرحلياً، كون الواقع الأمني متشابكاً مع الولاءات السياسية والخارجية.

المسافة حتى موعد الانتخابات بعيدة في سياق حساب زمن العراقيين الذي لم يعد سهل الجريان في ظل مفاجآت محتملة، كما أن الانتخابات ليست ذلك الخبر السار للعراقيين الذين شهدوا عدداً من الدورات الانتخابية بشعارات مغرية، في حين أنهم حصدوا الهواء وازدادوا بؤساً وتعاسة وقتلاً وفقراً، فهل يمتلك أحد القدرة على تقديم قراءة إنقاذية من الممكن أن تأتي بها انتخابات مبكّرة، وقوى السلاح لا تزال في الشارع؟


يبدو أن الهدف من إعلان سريع لموعد انتخابات جديدة هو تطمين القوى الشيعية التي تقف على الضد من رئيس الحكومة وتتهمه بأنه يتجه للخروج عن البرنامج الحكومي المتفق عليه والذي صعد بموجبه إلى المنصب.


الانتخابات المبكرة هي مفردة في سلم سياسي متدرّج لحياة مستقرة من الممكن النظر إلى معناها عبر ذلك النضج في المجتمع، لتكون الانتخابات عاملاً في تصحيح مسارات ظرفية ناشئة من أزمات مرحلية كما حدث في بريطانيا إبان معضلة بريكست.

أما في العراق فالوضع مختلف، إذ إن الدستور والمحاصصة والتدخل الخارجي تجعل أي مقترح لحل واقفاً على رمال متحركة.

ثمة لعبة كبيرة تتحرك في الميدان العراقي من جديد، لعل لاعبين جدداً سينضمون إليها، لكن من الصعب التكهن بنتائجها.