الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

استعيدوا وعيكم.. فقد ضل سعيكم

أهلكتنا الجماعات والفرق والمذاهب المنتسبة للإسلام حديثاً عن البدع، وإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهذا حديث من يشم الروائح الكريهة في كل ما حوله ومن حوله ولا يشم رائحة نفسه، ولا يعلم أنه مصدر هذه الرائحة الكريهة، فهذه الجماعات والفرق والنحل والملل والمذاهب هي نفسها بدعة وضلالة، بل هي أخطر بدعة في الإسلام.

لا ينبغي أن يقال مسلم سني ومسلم شيعي ومسلم سلفي ومسلم إخواني، بل لا ينبغي أن يقال مسلم أمريكي أو مسلم روسي، بل يقال في حالة الجنسية: مسلم من أمريكا أو مسلم من روسيا أو غير ذلك، والفرق والنحل والجماعات تحولت مع الوقت إلى أديان متضادة، فقد حذفت كلمة مسلم وصرنا نقول: هذا إخواني وهذا سني وهذا شيعي وهذا سلفي، فصارت الفرق أدياناً وعقائد متصارعة متناحرة وبينها عداءات ودماء أضعاف ما بين المسلمين والكفار إبان العهد النبوي والفتوحات الإسلامية، ومعنى وصف المسلم بأنه إخواني وتسمية جماعة الإخوان المسلمين أن من لا ينتمون إليها ليسوا إخواناً ولا مسلمين، فأخرجت هذه الجماعة بتسميتها هذه كل من لا ينتمي إليها من الملة.

ووصف سلفي، بأن يقال هذا سلفي وهذا سلفي جهادي، وهؤلاء لا يعلمون أن الكفار من أقوام كل الأنبياء كانوا سلفيين، وأن السلفية كانت حجتهم في العناد والكفر، وكانوا يقولون: «فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ» (القصص ـ الآية 36)، لقد كان هؤلاء الكفار سلفيين بامتياز وكانت السلفية سلاحهم في مقاومة رسالات الأنبياء، تماماً كما يرانا السلفيون والإخوان والفرق الأخرى الآن أصحاب بدع وضلالات، وأننا نريد أن نصرفهم عما كان يفعل الآباء الأولون، فالتاريخ يعيد نفسه بأبطال وشخوص مختلفين وبلافتات مغايرة.


لقد نشأت الفرق والملل والنِحل بنكهة قبليّة تحت لافتة الإسلام، وتحولت القبليّة إلى مذهبية أو فكرية أو دينية، وجرت أنهار الدماء بلا توقف إلى الآن، وكل مسلم موصوف بأنه إخواني أو سني أو شيعي أو سلفي هو عضو فاعل في الفرق الهالكة، لأن الفرقة الناجية الوحيدة هي اللافرقة وهي غير الموصوفة بأي وصف غير (المسلم)، أي إنها فرقة العامة وهي: (أنا، وأنت، وهو، وهي)، أما الجماعات والملل فجميعها هالكة، وضلَّ سعيها في الحياة الدنيا، وهي تحسب أنها تحسن صنعاً، فيا أيها الهالكون استعيدوا وعيكم فقد ضلَّ سعيكم!