الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الغربيون وكورونا.. تذمّر وإنكار

لم تعد المجتمعات الغربية تحتمل الحجر الصحي والقيود المفروضة على الحريات بسبب الخوف من الإصابة بكوفيد-19.

آلاف الألمان انطلقوا في مظاهرة ضد القيود المفروضة على الحريات العامة، ومنها إلزامهم بارتداء اللثام الصحي والتباعد الاجتماعي في الأماكن العامة، واعتبروا ذلك تقييداً لحرياتهم، وتجاوزاً على حقوقهم، وأعلنوا السبت الماضي «يوما للحرية!».

لقد أفلتت ألمانيا تقريباً من الجائحة، مقارنة بالبلدان الأوروبية الموبوءة كإسبانيا وإيطاليا، وحتى بريطانيا التي مات 50 ألفاً من مواطنيها نتيجة إصابتهم بالفيروس، بينما لم يتجاوز ضحاياه في ألمانيا 9 آلاف.


الطريف في احتجاجات ألمانيا أن كثيرين من المحتجين هم يمينيون ومؤمنون بنظرية المؤامرة، بل وينكرون حتى وجود الفيروس، وقد رفضوا ارتداء اللثام الصحي، ولم يلتزموا بإجراءات التباعد الاجتماعي التي يفرضها القانون.


ويطالب المحتجون بـ«العودة إلى الديمقراطية» التي سلبها منهم الفيروس وجعلهم «كالعبيد» حسب قول إحدى المحتجات، لكن الذي لا يفهمه المتذمرون هو أن إطلاق الحريات في وجود الجائحة سيأتي عليهم بالموت العشوائي، فإما السلامة أو المخاطرة بالحياة.

وقد أقامت الشرطة الألمانية دعوى قضائية على منظمي المظاهرة لعدم التزام المتظاهرين بقواعد السلامة الصحية، وانتقد وزير الصحة عدم اكتراث المحتجين بالجائحة، مؤكداً حقهم في التظاهر ولكن مع الالتزام بالقانون.

وتفرض ألمانيا حالياً فحصاً على العائدين من البلدان الموبوءة بالفيروس، بينما تُلزِم بريطانيا القادمين من بلدان كإسبانيا والبرتغال، وهما الوجهتان المفضلتان لدى البريطانيين، بالحجر الصحي لمدة أسبوعين.

هناك خيبة أمل شعبية كبيرة في بريطانيا بإعلان الحكومة تأجيل رفع القيود لأسبوعين آخرين، أو ربما حتى سبتمبر، بسبب ارتفاع الإصابات بالفيروس، وقد نصح المسؤول الصحي الأول، كريس ويتي، بأن الانفتاح الكلي ليس صحيحاً، وعلى المجتمع الاختيار بين السماح لتلاميذ المدارس بالعودة إلى مقاعد الدراسة، أو السماح للحانات باستقبال الزبائن، وبالتأكيد فتح المدارس أهم من فتح الحانات والسماح بالتجمعات العامة، فالتلاميذ يحتاجون إلى التعلم والتواصل مع نظرائهم وممارسة حياتهم الطبيعية.

لقد كانت القيود التي حتَّمها الفيروس ثقيلة جداً على كاهل المجتمعات الغربية، التي اعتادت على الحرية المطلقة والمرح والتفاعل المتواصل، ويأمل الجميع بحل قريب لهذا المأزق الذي دمّر الاقتصاد وجلب الكآبة وحوّل الناس إلى سجناء في بيوتهم، إذ لم يعد كثيرون يطيقون هذا الوضع البائس، وحالهم هذه تذكرني بقول أبي العلاء المعري:

أراني في الثّلاثة من سـجوني فلا تسـأل عن الخبرِ النّبيـثِ

لفقدي ناظري، ولزومِ بيتي وكونِ النّفس في الجسد الخبيثِ