الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ديارنا القفار في لبنان والهند

ما يحدث في أوطاننا العربية والإسلامية، والأكثر من هذا ما تعانيه الأقليات المسلمة، ليست قصصا تروى، إنما هي والله عبرة لمن أراد أن يذكر، أو يدرك أن نهاية الحياة مرتبطة بوجوده هو ولا أحد غيره، فمن عمق الإيمان نهتز وننتفض ونتألم ذلك في الحدود الدُّنْيا للتعبير ـ سرّاً وجهراً ـ على النحو الذي أسرّ لي به كاتب هندي مسلم يكتم غضبه بإيمان وقر في قلبه، بعد أن وضع رئيس الحكومة الهندية» نارندرا مودي»ــ الأربعاء الماضي ــ الحجر الأساس لمعبد هندوسي على أنقاض مسجد بابري في أيوديا شمالي الهند.

أُذكّر بهذا لأننا انشغلنا، والعالم معنا، عن الأحداث الجارية في الهند بانفجار مرفأ بيروت، وما تركه من ضحايا وخراب، جعل من بيروت مدينة منكوبة، وهو لا شك بدأ قبل ذلك بسنوات، ليس فقط بحجز المتفجرات منذ ست سنوات، تحت اشراف الحكومات المتعاقبة وأجهزتها الأمنية، ولكنه منذ أن بلغ الخلاف ذروته بين السياسيين، واستعان كل منهم بالخارج، خاصة الاستعمار القديم، حتى غدت بلادهم اليوم مثلما قال الشاعر اللبناني جورج جرداق في قصيدته» هذه ليلتي»:

وديارا كانت قديما ديارا


سترانا كما نراها قفارا


اعتقد هنا ـ وقد أكون مخطئا ـ أن هناك علاقة مباشرة بين انفجار بيروت والانفجار الديني والأسطوري والثقافي الذي وقع في الهند لإنهاء الوجود المكاني والمعنوي لمسجد بابري»، نسبة إلى «بابر» أول إمبراطور مغولي حكم الهند، وقد أنشأه نائبه في عام في عام 1528 م.

الصراع بين الهندوس والمسلمين بدأ منذ 1855، حول المسجد إلى أن حكمت المحكمة في نوفمبر2019 لصالح الهندوس باعتبار أن المسجد يقوم على أنقاض المكان الذي ولد فيها الإله راما».

خلفية هذا الصراع تعود لتلك الفتنة التي نشرتها بريطانيا بين الهنود أثناء احتلالها لبلاهم، وهي تلك الفتنة التي أوجدها الاستعمار بكل أنواعه في بلاد العرب والمسلمين، ومن خلالها تولدت كيانات ودويلات هنا وهناك، وأشباه قادة، وقادة تزيَّف وعيهم، وآخرون يقامون إلى اليوم الاستعمار الجديد، حتى لو كان من أهل الملة أو العرق، ويقاومون أكثر أولئك الذين يدعون إلى عودة الاستعمار، وذلك هو الانفجار الأكبر، فويل لنا جميعا من شظاياه، التي قد تظهر في « مصافحة»، وحضن» « وتوقيع» كالذي شاهدناها جميعا خلال الأيام الماضية في لبنان، وما خُفِي في الدول العربية الأخرى أكبر وأمر.. إنه زمن انهيار الجبهات الداخلية.