السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

انفجار بيروت.. وصفقة القرن

تحتاج بعض التغييرات الكبرى إلى أحداث كبرى كما يُقال، خاصة عندما تستعصي الحلول أو تتمنع بعض الأطراف أو ترفض الشعوب ذلك، فلا بد لحظتها من إحداث صدمة مدوّية للتمكّن من كسر الجليد وتغيير المواقف والذهاب إلى طاولة المفاوضات.

والانفجار الذي حصل في بيروت بغض الطرف عمّن يقف وراءه، سيُدشّن موسم هجرة تجاه لبنان، حيث ستبدأ الوفود والبعثات الدولية والإقليمية بالتوافد إليه، وسيكون ذلك أشبه بمنتدى أممي، سيتمخض عنه ربما مؤتمر دولي لمناقشة أزمته الحالية، لكنّه في واقع الأمر سيكون لبحث أوضاع المنطقة كلها، خاصة المجاورة للكيان الإسرائيلي، فالعنوان المرفوع هو إنقاذ لبنان من محنته، والهدف المقصود مناقشة تطبيق صفقة القرن (مشروع ترامب ـ كوشنير لإدخال وإدماج «إسرائيل» في المنطقة، وإنهاء القضية الفلسطينية).

لبنان، يُوصف من قبل كثيرين بأنه شرق أوسط مصغّر، كناية عن صراعاته الداخلية والتي تشبه صراعات الشرق الأوسط، ولأن صراعات المنطقة المختلفة تمارس فيه وتُختزل داخله، بمشاركة وإشراف رعاة الصراع الدوليين طبعاً.


وعليه، فإن أحداث بيروت ستكون مقدمة خطة معدّة لإعادة صياغة رؤية سياسية جديدة، يتم من خلالها فتح كل ملفات المنطقة المعقدة وخلطها، خاصة المتعلقة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، حيث يقدم مشروع صفقة القرن كمسودة أساسية، يتم من خلالها إقناع الجميع بأنها الملاذ الأخير والوحيد لمعالجة الأزمات الحاصلة والمتوقعة، كي تصبح أمراً واقعاً لا مناص منه.


فما حصل يمثل فرصة ذهبية برأي الرعاة الدوليين لإقناع الأطراف المختلفة بهذه الصفقة أو إجبارهم عليها، حيث ستُرفع عناوين براقة تتعلق بعمليات إنقاذ وتعاون وتنمية مختلفة لدول وشعوب المنطقة، ومشاريع مستقبلية واعدة.. إلخ، لكنّ الشيطان يكمن في التفاصيل، كما كمِن سابقاً، خصوصاً أن «فراغ الخوف» هو الذي يعقب الحروب والأزمات عادة، كما يقول الكاتب البريطاني روبرت فيسك، وكل ذلك سيتم في ظل عجز عربي شامل.

نعم، سنكون اليوم أمام خطة مستقبلية مُحكمة من قبل أمريكا و«إسرائيل» لتأسيس مشهد سياسي جديد للمنطقة، ستُشكل بنود صفقة القرن المعروفة ملامحه الرئيسية، فانفجار النار الذي حصل سيُولّد انفجاراً سياسياً إقليمياً لا يعرف أحدٌ مداه.