الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

مسألتان.. ومساءلتان

في النظر إلى الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل برعاية أمريكية مسألتان، المسألة الأولى هي اختمار الوعي الشعبي العربي أو الفلسطيني عن حقيقة أن مناصري القضية الفلسطينية، حاملي شعارات التحرير والعودة، أكانوا في المحور الإخواني أم كانوا في المحور الإيراني، هم في الحقيقة أنفسهم الذين يتاجرون بها، ويقبلون دوراً أقل بكثير مما يمكن لهم أن يلعبوه في حالة الإجماع العربي والموقف العربي الموحد تجاه إسرائيل، باشتراط الحل الشامل والعادل والنهائي.

ولا ننسى كفلسطينيين رفض المشاركة الفلسطينية في مؤتمر مدريد لولا الدعم العربي واشتراط حضوره إلى جانب الوفود العربية الأخرى، كما لن ننسى كفلسطينيين، عمرنا المهدور بين كامب ديفيد الأول وكامب ديفيد الثاني، وأوسلو وما بعدها من انقسام وتبادل أدوار، وصولاً إلى مهزلة الدولة في المقاطعة والمقاطعة في غزة، ولا نغفل عن الفساد المستشري في مؤسساتنا الفلسطينية على ضفتي الوطن القليل تحقيقاً لحل الوطن البديل، والعياذ بالله، بل لا ننسى أننا حين نحرق علم بلد عربي شقيق، أو نمزق صورة قائد عربي، فإننا نمزّق شراييننا التي نستمد منها الحياة، وجلدنا الذي يكسو عظمنا الطري.

أما المسألة الثانية، فهي مسألة حكمة قيادات عربية إسلامية شجاعة مؤثرة خرجت من موقع الانتظار إلى موقع القرار، رافضةً أن تظل شاهدة على العجز العربي والفلسطيني والعالمي تجاه قضية إقامة دولة فلسطينية بحدود 67، قيادة عربية بريادة إماراتية، استطاعت أن تحقق ما عجزت عنه أطر دولية ذات أهمية كبرى من فرض سلام مشترط بحل الدولتين واعتبار القدس الشرقية عاصمة فلسطينية ومدينة مقدسة، مفتوحة أبوابها لمسلمي العالم، واقتدار هذه القيادة الإماراتية على اجتراح المعجزات أمرٌ واضحٌ للعيان، والسلام الذي تحقق بين إثيوبيا وأرتيريا على يد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خير دليل.

وهنا يحق لنا مساءلتان، الأولى لجماهير شعبنا الفلسطيني أولاً: هل يصحُّ التخوين في ظل اعتماد الكيان الفلسطيني المؤجلة ولادته منذ اتفاقية أوسلو 1993، والذي لا يزال في غرفة الإنعاش على اليد العاملة الفلسطينية في إسرائيل، والبضائع الفلسطينية التي تبيعها إسرائيل، والعلاقات الدولية والزيارات المتبادلة مع العالم، والتي تمر عبر الأردن ومصر الموقّعتين مع إسرائيل؟.. أليس من المعيب أن نطالب الآخرين بما يتوجب علينا فعله أولاً عبر اشتراط التفاوض مع إسرائيل بإلزامها بحل الدولتين ووقف الضم والاستيطان؟، أم أننا هواة تضييع العمر وفوات الوقت على الحلول الناجزة والنهائية؟ بل هواة إحراق المراكب والبكاء على الأطلال، في زمن احتدت فيه المواجهة بين فرسٍ وترك وعرب، وبات واجباً اتخاذ الموقف القومي المحصّن الحاضن لحلمنا الفلسطيني، الذي لن يتحقق بمال أردوغان (من جيب قطر طبعاً) أو أسلحة إيران؟

أما المساءلة الثانية، فهي لجماهير الأدلجة على امتداد العالم العربي الكبير: هل يصحّ تجريب المجرّب من نظريات الإرهاب القاعدي الداعشي المغذى بأفكار الإخوان والخلافة الإسلامية على الطريقة العثمانية؟، وهل يصحُّ أن نظل نسعى خلف مومياءات السياسة والفكر، من أيديولوجيا الممانعة وبعض اليسار الثوري ـ قومياً أو بعثيا أو اشتراكياً كان ـ التابع لحرس ثوري يخدم نظرية ولاية الفقيه، ولا يرى سواها حلاً لقضية فلسطين؟