الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بنتاغون صيني.. خيار مقبل

عندما شُيّد مبنى البنتاغون الضخم (وزارة الدفاع الأمريكية) عام 1943، تساءل البعض حينها: هل تحتاج الولايات المتحدة لكل ذلك، وهي التي تنزوي بعيداً في عالم ما وراء البحار، ولا يجرؤ أحد على مهاجمتها، وقد خرجت من الحرب العالمية الثانية منتصرة، وتعتبر أقوى دولة في العالم؟ أجاب يومها بعض الأمريكان بشكل سري: نعم، حتى نؤمّن عقوداً للشركات الأمريكية!

وفي العلن، تصرّح الولايات المتحدة، بأنّ بعض تدخلاتها المسلحة واتفاقياتها الأمنية وقواعدها العسكرية المنتشرة في معظم دول العالم، هي لحماية مصالحها، فالأمر واضح لا يحتاج إلى تدليل، لا بل إنّ افتعال الحروب أحياناً من قبلها يكون لخدمة اقتصادها ومصالحها وغيرهما.

في المقابل، تُقدّم الصين اليوم نفسها للعالم عبر بوابة التعاون الاقتصادي، وتوّجت ذلك بمشروعها العالمي «الحزام والطريق»، هديتها للعالم كما تقول، وقد صرحت مراراً بأنّها ليست معنية بالنزاعات المسلحة الدولية، ولا تريد التدخل في شؤون الدول الداخلية، خاصة المشارِكة في مشاريعها، لكن كيف ستحمي بكين مصالحها واتفاقياتها المبرمة، وما الضمان لاستمرار كل هذه المشاريع العملاقة؟


الصين رغم نفيها السابق، إلا أنها لم تنتظر طويلاً، فقد شرعت في تطوير قدراتها المسلحة، وإنشاء قواعد عسكرية لها في بعض الدول، صحيح أن ميزانية أمريكا العسكرية لا تقارن معها وتفوقها بأضعاف، إلا أن الزيادة المئوية لميزانيتها العسكرية سنوياً في ارتفاع مستمر، وها هي أول حاملة طائرات صينية تخرج إلى الخدمة، عدا عن حدوث نقلة نوعية في صناعة الأسلحة الصينية، قد تصل بها مستقبلاً إلى مستوى التوازن، بعد أن وصلت سابقاً إلى مستوى الردع مع الولايات المتحدة وغيرها.


هناك اليوم قناعة عند كثير من الدول مفادها: أنّها لن تستطيع الحصول على جزء من الكعكة العالمية دون تدخل عسكري مباشر أو دون وجود قوة ميدانية لها على الأرض، تحقق لها ذلك، وهو ما تفعله روسيا اليوم، وفعلته بريطانيا وفرنسا وغيرهما سابقاً، وحُرمت منه ألمانيا واليابان بعد هزيمتهما، وهو ما تخطِّط له بكين مستقبلاً.

وأخيراً، فالصين ليست منظّمة إنسانية، تُقدم خدماتها بالمجان.. إنها دولة كبرى صاعدة، تعرف جيَّداً ماهية الصراع العالمي وآلياته ومحركاته، وهي تسعى بوضوح للاستحواذ على جزء كبير من الحصة الاقتصادية الدولية، والسيطرة على أقسام من العالم، إن لم يكن كله، لذلك، انتظروا بنتاغون صينياً قريباً.