السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تونس.. ولعبة عض الأصابع

تدخل تونس، الأسبوع المقبل، مرحلة مفصلية، إذ تنتهي المهلة الممنوحة لرئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي للإعلان عن تشكيلته الوزارية وعرضها على البرلمان، وما سيترتب على ذلك من تمرير للحكومة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، للخروج من عنق الزجاجة التي وضع الرئيس التونسي قيس سعيد الجميع فيها.

المشهد التونسي اليوم يُختصر بمسارَين، إما تمرير حكومة المشيشي دون تمثيل حزبي وبكفاءات مستقلة، أو تمترس الأحزاب خلف مواقفها السياسية وإسقاط الحكومة والاحتكام إلى الشارع، على أمل انتزاع تيار سياسي ما أغلبية برلمانية، تؤهله لتشكيل الحكومة المقبلة.

تكليف المشيشي بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة دون تمثيل حزبي لعبة سياسية مارسها الرئيس التونسي قيس سعيد بذكاء لسحب البساط من تحت أقدام حركة النهضة، إلا أن الواقع يقول: إن هذه اللعبة ليست أكثر من سياسة عض أصابع، قد تنقلب على الجميع بشكل ربما يؤسس لمرحلة من عدم الاستقرار السياسي، بحيث لا تلبث أي حكومة يتم تشكيلها أن تغادر، خاصة أن الدستور التونسي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة على حساب رئيس الدولة.


اختيار قيس سعيد جاء محاولة منه لهدم المعبد على رؤوس الجميع، فبإسقاط حكومة المشيشي سيسقط البرلمان، ويذهب الجميع لانتخابات مبكرة، سيحاول الرئيس التونسي من خلالها العمل على تأسيس تيار برلماني داعم له، كي يخرج من حالة الضعف التي يعانيها حالياً، جراء عدم وجود كتلة سياسية تقف إلى جانب قراراته الرئاسية وتوجهاته، بحيث لا يبقى رهينة لحركة النهضة أو قلب تونس، إذ ليس أي منهما على خط الرئيس.


الواقع السياسي التونسي يقول: إن حركة النهضة ستمرر حكومة المشيشي بشكل أو آخر، وذلك للهروب من الزاوية التي وضعها فيها الرئيس سعيد، فالمتابع لتنظيم الإخوان يعرف تماماً أنه يمارس براغماتية مغرقة في الأوقات الصعبة، لذلك لن تنتحر «النهضة» بالاحتكام للشارع وتحقق رغبة الرئيس قيس سعيد، الذي يسعى إلى إجراء انتخابات مبكرة تعيد تركيبة البرلمان التونسي.

باختصار، إذا لم يحصل ما يُغيِّر خريطة التوازنات السياسية في الأيام المقبلة، فإن النهضة ستذهب تجاه تمرير الحكومة، ومن ثم اللعب عبر قناة البرلمان لإفشالها وإسقاطها شعبياً، لتأكيد رؤيتها القائلة إن حكومة الكفاءات المستقلة ليست خياراً منطقياً، ولا بُد لأي حكومة أن تستند إلى كتلة سياسية وازنة، تُمكِّنها من تمرير قراراتها.