الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

إيران.. والعودة إلى الاتفاقية النووية

قبل 5 سنوات، وبالضبط يوم 14 يوليو 2015، توصل وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وإيران والصين وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لإبرام اتفاقية حول البرنامج النووي الإيراني، كانت فريدة من حيث أهدافها وأهميتها.

وتعكس هذه الخطة الشاملة للعمل المشترك الإرادة السياسية الموحدة للبلدان التي ساهمت في إعدادها، وهي مدعومة بقرار مجلس الأمن رقم 2231، وأصبحت تشكل أعظم إنجاز للدبلوماسية متعددة الأطراف، وأبرزت فوائد وفاعلية الحلول التفاوضية التي استبدلت المناهج القائمة على التهديد والضغط والتلويح باستخدام القوة العسكرية.

ولم يكن هذا النجاح الذي ميّز الخطة ليتحقق على هذا النحو لولا حقيقة أساسية تكمن في أن الأطراف المشاركة في التفاوض بشأنها كانت قادرة على استخدام لغة مشتركة، حتى تتمكن من تبادل الآراء وتفهّم مصالح بعضها البعض، ونجح المتفاوضون في ابتداع الحلول العملية لأكثر حالات الصراع تعقيداً في مجال حظر انتشار الأسلحة النووية بالاعتماد على القانون الدولي وبقية أدوات عقد الاتفاقيات المعترف بها على المستوى العالمي.


وخلال فترة قصيرة نسبياً، بات في وسع خطة العمل الشاملة المشتركة تقديم الإجابات الشافية عن كل أسئلة الوكالة الدولية للطاقة النووية فيما يتعلق بتفاصيل وأهداف البرنامج النووي الإيراني مع الحرص على إظهار أعلى مستوى من الشفافية في هذا الإطار.


واليوم، وخلافاً لوجهات النظر التي يتداولها الغرب على نحو ممنهج، فإن خطة العمل الشاملة المشتركة لم تكن تهدف بأي حال إلى إنكار حقوق طهران القانونية في استخدام الذرة للأغراض السلمية والمنصوص عليها في المادة الرابعة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

بل على العكس من ذلك، فإنها مهدت الطريق أمام توسيع مجالات التعاون وتبادل المصالح مع الجانب الإيراني في مجال الطاقة النووية وبعض الجوانب الاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية الأخرى.

واليوم، وبعد مرور 5 سنوات على دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، علينا أن نعترف بأن تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة يتطلب قدراً كبيراً من الثبات والمثابرة من المشاركين فيها، ويكمن السبب الجوهري للصعوبات والتحديات التي تتحتم مواجهتها لتنفيذ الاتفاقية، في رفض الولايات المتحدة لها من جانب واحد، والانتهاكات الجسيمة العديدة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 التي ارتكبتها.

ودعنا نتذكر أن سياسة تسليط «أقصى الضغوط» التي تلتزم بها واشنطن ضد إيران والتي تترافق مع فرض عقوبات صادمة عليها، تعبّر عن قصر النظر والسلوك الخاطئ، ومن شأن هذه السياسة أن تشوّه سمعة الولايات المتحدة لأنها تتعارض مع وجهات نظر بقية دول العالم التي تدعو بحماسة زائدة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن وتنفيذ خطة الاتفاقية وفقاً للأهداف والمعايير المتفق عليها منذ البداية.

والآن، يتحتم على الإدارة الأمريكية أن تفهم أن عليها التزامات ثابتة يجب الوفاء بها أمام بقية دول العالم.