الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الساحة العربية.. ملعب لإيران وتركيا

من ينظر في الخريطة العربية اليوم يدرك حقيقة محزنة، وهي أن اللاعبين الأساسيّين فيها ليس العرب، وإنما قوى إقليمية ودولية، فإيران وتركيا تتدخلان في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية.. تتدخلان في العراق ولبنان وسوريا واليمن والصومال، وتُسلحان الميليشيات التابعة لهما في بعض الدول العربية، حتى أصبحت دولاً داخل تلك الدول.

لكن يبدو أن الحراك العراقي الذي أسقط الحكومة السابقة ربما يكون قد خلط الأوراق في أيدي الإيرانيين، فرئيس وزراء العراق الحالي مصطفى الكاظمي ليس من طينة القادة الذين سبقوه، إذ يبدو أنه مخلص لوطنه وأنه يملك الإرادة والرغبة لإعادة العراق إلى محيطه الطبيعي العربي، بعد غيبة طويلة، لكن الرجل يواجه ميليشيات مسلحة وجماعات سياسية ولاؤها لإيران لا للعراق!

وتتدخل تركيا هي الأخرى أيضاً في العراق وسوريا وليبيا والصومال، ورُبما تدخّلت في دول عربية أخرى أو هدّدتها، أما العرب فإنهم يتفرجون على دولهم تنفرد بها هاتان القوتان الإقليميتان بدون حراك؛ إلا ما كان من احتجاجات فاترة هنا وهناك، مثل قرار وزراء خارجية العرب ـ في اجتماعهم الأخير ـ الذي أدان تدخل تركيا العسكري في ليبيا وإرسالها مرتزقة للقتال فيها، معتبرين ذلك تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي، وانتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بهذ البلد العربي.


لكن كل ذلك كان مجرد أقوال لا أفعال، فالحقيقة أن هاتين الدولتين تدركان أن تصريحات العرب وقراراتهم لا تتجاوز المنابر والاجتماعات التي اتُّخِذت فيها، لذلك فإن تلك التصريحات لا تقلقهما ما دامت جعجعة بغير طحن؛ وكأنّهما تقولان للعرب: «لكم الأقوال ولنا الأفعال».


تنتهج الدولتان استراتيجية قديمة معروفة لدى البيزنطيين والفرس، وهي تفكيك العرب واصطناع بعضهم لضرب بعض، فقد كان البيزنطيون والفرس يعتمدون على العرب الموالِين لهم ضد العرب الآخرين، انسجاماً مع مقولة المؤرخ الكنسي «إفاغريوس سكولاستيكوس» الذي عاش في القرن السادس الميلادي، وهي أن: «خير وسيلة لقتال العرب هي استخدام عرب آخرين ضِدهم».

فما لم يتنبه العرب إلى خطورة هذه التدخلات الأجنبية في منطقتهم، وما لم ينبذوا خلافاتهم الشخصية ويتوحدوا ويخرجوا من دائرة ردود الفعل إلى صناعة الفعل، وما لم يضعوا خطوطاً حمراء لا يسمحون بتجاوزها لأي جهة أجنبية، فإن مصيرهم سيكون في أيدي غيرهم.