الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الرأسمالية الرقمية.. المتحكم الجديد

يؤكد بعض المعلقين على الأحداث العالمية أن أهل الرأسمالية الغربية لن يتنازلوا عنها أبداً، فكيف سيتخلون عن فكر ونظام حقق لهم السيطرة والهيمنة على العالم وأوصلهم إلى حد امتلاكه؟ أمّا ما تعلّق بأزمات الرأسمالية الحاصلة اليوم، فقد يكون مدعاة للغرب المُتبني لها كي يحاول التخطيط لمرحلة وطور جديد منها، يُعرف بالرأسمالية الرقمية، أملاً في إبقائها المُسيّرة والمُشكّلة لطبيعة الحياة البشرية المعاصرة.

العالم الرقمي يعني إعادة صياغة أنظمة التعامل البشري وأدواته وأفكاره، بصيغ إلكترونية أكثر دقة وأشد صلة، وما يلفت الانتباه حقيقة، هو الارتباط العضوي والمصيري بالحياة الرقمية القادمة بالنسبة لسكّان الأرض، حيث باتت معظم مجالات حياتهم تعتمد عليها، من بيع وشراء وتنقل وتعليم ووظائف وخدمات.. إلخ.

في الماضي، كان بإمكان الناس أن يستغنوا عن بعض منتجات الرأسمالية من لباس وغذاء وأدوات وصناعة وغيرها، أمّا اليوم فمن الصعب الاستغناء عن شبكة الإنترنت مثلاً أو شبكات الاتصال والتواصل والمجالات والخدمات المرتبطة بها، حيث كانت الرأسمالية سابقاً هي من تبحث عنك وتحتاج إليك لتبيعك منتجاتها، أمّا اليوم، فأنت من تحتاج إليها كي تستطيع أن تمارس حياتك على أقل تقدير، وأنت الباحث عنها والمشتري المضطر لها، بعد أن كنت في السابق الرافض لبعض منتجاتها.


من هنا، فإنّ المعارك التي تخوضها أمريكا الرأسمالية اليوم مع الصين، يأتي بعضها للسيطرة والهيمنة على هذا العالم الرقمي، خاصة أنّها والصين من تتحكمان فيه، والاستحواذ عليه يعني السيطرة على العالم كله، ولن تتنازل الرأسمالية عنه في صراعاتها القادمة، ما يعني أنّها سترتدي ثوباً رقمياً جديداً، تعتقد أنه سيمكّنها من البقاء والاستمرار في حكم العالم وتفصيله على مقاسها.


وسيترتب على ذلك انتقال رؤوس الأموال العالمية إلى الاقتصاد الرقمي، حيث سيؤدي هذا إلى وجود لوبيات وجماعات ضغط ومصالح جديدة تتبع الدول الغربية، تتحكّم في هذا المجال وتجيّره لصالحها.

وعليه، فإنّ الرأسمالية الرقمية ستكون الأشد خطورة علينا، وستتحكّم فينا، خاصةوأنها تعرف عنّا كل شيء، وستحاول تشكيل أفكارنا وشخصياتنا وأنماط عيشنا واستهلاكنا بما يتناسب مع مصالحها وقوانينها وأجنداتها.