الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

تقسيم الهند.. والمسألة الدينية

على الرغم من التنمية والنهضة العظيمة التي حققتها الهند منذ استقلالها عن التاج البريطاني 1947، إلا أن الاستقلال في حد ذاته كان بداية للأزمة الدينية التي تعيشها، سواء في داخلها، أو مع الدول التي انفصلت عنها.

فانفصال باكستان عن الهند كان برغبة محمد علي جناح في تأسيس وطن خاص بالمسلمين، فكانت باكستان أول جمهورية إسلامية في العصر الحديث، الأمر الذي جعل مسلمي الهند أقلية، في الوقت الذي يفوق عددهم سكان باكستان مجتمعين، والذي عزز الصراع الديني في تلك المنطقة، وهو صراع تاريخي قديم، قدم التنوع فيها.

لم يكن استقلال باكستان ناجحاً بالكامل، فقد أدى إلى استقلال بنغلاديش عنها، ونشوء الأزمة الكشميرية التي سببت حروباً طويلة مع الهند راح ضحيتها مئات آلاف القتلى.


وتأسست الدولة الباكستانية على هياكل تشريعية وإدارية إسلامية أخذت بالتشدد عقداً بعد عقد، حيث لعبت الجماعات الإسلامية المتطرفة دوراً كبيراً في تشكيل الصورة الحالية لباكستان على مدى 70 عاماً، وكان عام 1979، عاماً مفصلياً في تطور تلك الصورة، إذ سقط شاه إيران وتأسس نظام الملالي فيها، ما جعلها ثاني جمهورية إسلامية في العالم.


ثم تطورت الدولة الباكستانية من الإسلامية إلى السنية، كما اندلعت الحرب الأفغانية تحت غطاء إسلامي أدى إلى تدفق السلاح والرجال والمال إلى باكستان التي صارت دولة منظمة للجهاد الإسلامي ضد الماركسية.

عانت الأقليات غير المسلمة الويلات في ظل النظام المتشدد في باكستان، وبرزت قضايا اغتيال وجهاء الطوائف الأخرى والناشطين، واختطاف الفتيات الهندوسيات وتزويجهن مسلمين، وانجراف المواطنين الهندوس نحو إعلان إسلامهم لتحسين أوضاعهم والتَّخلص من التهميش والازدراء.

في المقابل، يبدو الوضع أكثر سوءاً على المسلمين في الهند، فقد تجاوز اضطهادهم ارتكاب المجازر الجماعية والترهيب، وتدمير المساجد إلى إصدار قانون الهوية الجديد، الذي يمنح الجنسية الهندية للاجئين من الهندوس والسيخ والمسيحيين الهاربين من الاضطهاد الديني، ويستثني المسلمين، باعتبار ألا مكان لهذه الطوائف في الهند.

فضلاً عن ذلك، وفي حركة استفزازية افتتح رئيس وزراء الهند معبداً هندوسياً شيد على أنقاض مسجد حرقه الهندوس قبل ثلاثة عقود.

إنها مساوئ تقسيم الهند على أساس ديني، حيث يخشى الزعماء الدينيون والسياسيون على نفوذهم وتمدد كياناتهم، وتدفع الأقليات ثمن الجغرافيا والديمغرافيا، وفي هذه الظروف يكون الفقر والجهل والظلم عوامل خطيرة تستغل في تأجيج الصراعات وتجييش الفقراء للموت من أجل «الدين والرب»!