الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«تقنية الفار».. لضبط وقف النار

كان صلح الحديبية آخر اتفاق أو معاهدة يلتزم بها العرب ويحترمونها حتى سُمي هذا الصلح بالفتح المبين، وقبله في الجاهلية كان حلف الفضول، واتفاق العرب الملزِم على وقف النار بين القبائل في الأشهر الحرم.

وبعد الحديبية وخصوصاً منذ الفتنة الكبرى حتى الآن، وحتى الغد، لم يحترم العرب آلاف المعاهدات والاتفاقيات الموقعة بينهم، وكل هذه الاتفاقيات يتم خرقها قبل أن يجف مداد حبرها والتوقيع عليها، ولم تضع أي اتفاقية برعاية إقليمية أو دولية أو شيطانية أي نهاية للصراعات العربية ـ العربية.

لذلك لا أراني سعيداً باتفاق وقف النار في ليبيا وأظن أنه سيموت جنيناً كما مات اتفاق الصخيرات ومخرجات مؤتمر برلين، نرحب بوقف النار في ليبيا ولكننا لا نثق في صمود الاتفاق شأنه شأن أي اتفاق عربي ـ عربي، فنحن العرب لدينا تاريخ طويل من المعاهدات والاتفاقيات والمعاهدات المخروقة، لأن أطراف الصراع يفتقدون الإرادة السياسية أو حتى الوطنية والاتفاقيات يتم توقيعها بالأمر وخرقها بالأمر أيضاً.


والصراعات العربية بالوكالة لا بالأصالة، لذلك يكون توقيع الاتفاقيات وخرقها بالوكالة أيضاً، ويكفي أن العرب لم يتوصلوا مع عدو خارجي إلى اتفاق لوقف النار لكن اتفاقاتهم على وقف النار تكون بين أبناء الشعب الواحد، ما يؤكد أن العرب حالياً أمة افتراضية وليسوا أمة حقيقية، وأن العداء بينهم صار أضعاف العداء بينهم وبين أي عدو خارجي.


وأن فكرة العروبة والأمة الواحدة والأخوة والتضامن والعمل العربي المشترك، ليست سوى شعارات لم تتحقق يوماً على أرض الواقع، وأن كل القضايا التي تبنّاها العرب وملأوا الدنيا ضجيجاً بشأنها، مثل: النضال والكفاح ثم الجهاد لم تكن سوى أوراق توت لإخفاء العورات، ولم تكن سوى قميص عثمان الذي تكسب منه آلاف المناضلين وحولوه إلى أرصدة في المصارف وقصور في أنحاء العالم.

لقد آن الأوان لنزع ورقة التوت وتمزيق قميص النضال والجهاد ولعبة (الإسلام هو الحل)، ذلك الشعار الذي أطلقه الإخوان وصدقه القطيع العربي، ولم يصمد أمام سؤال كبير: أي إسلام تقصدون؟ إسلام الإخوان أم داعش أم النصرة أم طالبان أم القاعدة أم آلاف الفرق الهالكة؟ لا أعوّل كثيراً على أي اتفاق أو معاهدة أو إعلان عربي ـ عربي، وأقترح على الأطراف الليبية الاستعانة بتقنية (الفار) لمراقبة وضبط أي خرق لوقف النار!