الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الاستعمار.. وترتيب الوضع في ليبيا ومالي

بين تدهور الوضع في مالي وليبيا يبدو أنه يوجد ارتباط متين، فمالي منذ استقلالها في ستينيات القرن الماضي لم تشهد الاستقرار بسبب الثورات المتكررة للتوارق، وكانت الجزائر دائماً تتدخل لإعادة الأمور لمجراها بحكم تداخل التوارق بين البلدين.

وظل التوارق يشكلون مصدراً لعدم الاستقرار بسبب ما يعتبرونه حكماً عنصرياً من الجنوب باعتبارهم يحصون 3 ملايين من سكان مالي، ويتربعون على مساحة تقارب المليون كلم مربع مليئة بالثروات الطبيعية، الأمر الذي شكل نافذة مهمة من نوافذ التدخل الأجنبي وخاصة فرنسا طمعاً في ثروات منطقة الساحل بصفة عامة، وادعاء بمحاربة الإرهاب، على اعتبار أن سكان التوارق مسلمون سنيون مالكيون، وأصبحت منطقتهم مرتعاً لجماعات إسلامية متعددة.

ورغم تدخل الجزائر مراراً لتهدئة الوضع، إلا أنها كانت تنظر بعين الريبة لتدخل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، إلى درجة تم عقد قمة للتوارق في مدينة تامنراست الجزائرية أواخر الثمانينيات بحضور قادة عدة بلدان منها: ليبيا والجزائر ومالي، وظهر القذافي حينها مرتدياً الزي الترقي.

ولم تعرف مالي منذ استقلالها حالة معقدة سياسياً وأمنياً كهذه التي تعرفها حالياً، بسبب التغذية الناتجة عن سقوط نظام القذافي الذي كان يجند جماعات من التوارق، التي بدورها استفادت من سلاحه بعد سقوطه عام 2011، وبعدها أعلن التوارق استقلالهم عن باماكو مما جعل الحكومة تستدعي القوات الفرنسية للتدخل شهر يناير 2013.

ومنذئذ لم تظهر بوادر حقيقية لبناء دولة وطنية مستقرة رغم اتفاق السلم والمصالحة الموقع في الجزائر عام 2015 حتى تمت الإطاحة بالرئيس بوبكر كايتا شهر أغسطس 2020 من قبل مجموعة من العسكر، الذين أعلنوا عن مرحلة انتقالية لمدة 3 سنوات، ولا يمكن استبعاد اليد الأجنبية بهدف خلق وضع جديد تنجم عنه ترتيبات جديدة ضمن استراتيجية القوى المتحكمة في الحل.

بعد ما حدث في مالي بأسبوع يأتي الإعلان من ليبيا عن وقف إطلاق النار لفسح المجال للحل السياسي، وذلك ليس بعيداً عن تدخل قوى خارجية، فمثلما كان الارتباط بين سقوط القذافي وتدهور الوضع في مالي ثم استغلاله من القوى الخارجية، فإن التوجه نحو الحل السياسي في ليبيا له علاقة بما حدث في مالي لإعادة ترتيب الوضع بعد فشل الحل العسكري في البلدين وتذمر السكان، لكن تراجع المضمون الوطني لدى النخب الحاكمة بالموالاة المعلنة للخارج لا تنبئ بأي أمل.