السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

براغماتية.. تحت الطاولة

إذا كانت البراغماتية هي حقيقة اختيارية تدرك الموضوعية المتعلقة بالاختلافات واحتياجات التعاون بين الدول، حيث لا يمكن تحقيق الحق عن طريق الإكراه بالقوة، فإن الدولة الناضجة استراتيجياً هي التي تتحمل هذا الاختلاف، كما هي الحال لدولة الإمارات العربية المتحدة في مرحلتها الحالية، بوضوح وإدراك أن التسامح هو استجابة براغماتية للواقع الملموس الذي يعكس وجود التعددية الدنيوية.

أما المنطق فهو يرفض «براغماتية تحت الطاولة» التي تمارسها بعض الدول بأنانية تضبطها بمبدأ الكيل بمكيالين، وتتشدق بلا استحياء ضد من يمارس البراغماتية من أجل السلام والتنمية والاستقرار، أولئك الذين يحترمون حقوق الإنسان ويتعاطفون مع الشعوب، مدركون أن واقع الأشياء اليوم هو الاختلاف والتنوع، فالناس مختلفون ولديهم أفكارهم الخاصة عن الخير والشر.

واقع التنوع المتعدد يقود إلى حاجة عملية هي التسامح معه، وتصل معظم السجالات الحديثة حول التنوع إلى التسامح عن طريق الحجج البراغماتية، وبالاستناد إلى السياسات المتسامحة وفكرة أن يتفق الجميع على السماح لأنفسهم بالاختلاف حول اتجاه حياتهم حول قيم قراراتهم، وهذه الحجة المعيارية لا تستند إلى حقيقة ميتافيزيقية حول طبيعة البشر، ولكن حول الحقيقة البراغماتية التي تظهر أن الناس أكثر قدرة على الاستمرار في مشاريعهم المختلفة، إذا كانوا متسامحين تجاه بعضهم البعض.


لعل إدراك الإمارات أن التواصل كفكرة براغماتية هو وسيلة مفيدة للتعامل مع واقع التعددية في راهن العصر، لأن واقع التنوع يشير إلى عدم اتفاق مستمر ولكنه يعبر عن إدراك عملي لواقعه، وحاجة الإنسان الأساسية للتعايش الحر والسلمي مع الآخر، هذا المقياس القائم على الاختيار يتضمن احترام الاستقلال الذاتي والتسامح، وهوالذي يقر بأنه من الجيد أن يدرك الجميع اختلافاتهم.


البراغماتية هي فكرة تعددية من حيث الواقع، ومطلب عملي لتحقيق الأهداف الاقتصادية اللازمة للشعوب، لأنها الوسائل المناسبة لغرض العيش في سلام مع الآخرين، ولكن في هذا الشأن ثمَّة تناقض يكتنف البراغماتية التركية والقطرية معاً.

بينما نرى حجم التجارة البينية التركية ـ الإسرائيلية بلغ حوالي 5.44 مليار دولار، وطبعت قطر علاقتها التجارية مع إسرائيل منذ عام 1996، كأول دولة خليجية تفعل ذلك، ونفذت كمثال عملية سريعة لتزويد إسرائيل بضخ الغاز الطبيعي لها عوضاً عن توقف الغاز المصري، مع ذلك فإن كلا البلدين يطالبان الإمارات بعدم التطبيع، والسؤال الجوهري الذي يُطرح هو: هل البراغماتية مباحة للبعض دون الغير؟