الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

تركيا.. الغاز والمغناطيس الإعلامي

في يوم الجمعة 21 أغسطس الجاري، أعلنت الحكومة التركية عن اكتشاف حقل غاز كبير في المياه الإقليمية التركية في البحر الأسود، يُقدَّر احتياطه بـ320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، بحسب تقديرات الحكومة، بما يجعل عمره 20 عاماً، بينما جاءت تقديرات خبراء أتراك بأرقام أقل من ذلك بكثير.

هذا الاكتشاف يواجه انتقادات من الخبراء لأسباب كثيرة، منها: توقيت الإعلان عنه في ظل تراجع شعبية الحكومة والحزب الحاكم، وبما يُشكِّك في مصداقية الكميات المكتشفة وحقيقتها، في ظل ادِّعاءات من المعارضة التركية أن الحكومة سبق لها أن أعلنت 11 مرة عن اكتشافات سابقة دون أن يتحقق منها شيء في الواقع.

ويرى بعض المحللين السياسيين أن من أهداف الحكومة تخفيف الضغط الروسي على تركيا، التي تستورد كميات كبيرة من روسيا، حيث تلتزم تركيا بعقود طويلة الأجل لا تملك التحرر منها، وبالأخص بعد توقيع اتفاقات مشروع «السيل التركي» مع روسيا.


لا شك أن تركيا بحاجة ماسَّة لاكتشاف حقول نفط وغاز لتخفيف عبء فاتورة مشترياتها للطاقة، وبالأخص لتدفئة المنازل في فصل الشتاء، وتزويد القطاع الصناعي والنقل ومحطات إنتاج الكهرباء وغيرها، وهذه الفاتورة تكلِّف الخزينة التركية نحو 50 مليار دولار سنوياً، وإذا تمكَّنت تركيا من استخراج نفط وغاز من البحر الأسود ومن شرق المتوسط، فإنها قد تصبح من الدول المكتفية ذاتيّاً على أقل تقدير.


هذه الاكتشافات، إن تحققت بالفعل، فإنها سوف تحقق مكاسب اقتصادية كبيرة لتركيا، ولكنها قد تأتي لها بمكاسب أو متاعب سياسية وأمنية، فما يزال التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط، موضع خلاف سياسي مع العديد من دول شرق المتوسط، وقد يصل إلى صراع عسكري مع بعضها الآخر في مقدمتها اليونان، حيث وقعت احتكاكات عسكرية بين السفن الحربية التركية واليونانية قبل أيام.

إن الشعب التركي قد سمع كثيراً عن اكتشافات الغاز والنفط في السنوات السابقة، ولكنها ذهبت أدراج الرياح، وقد تكون هذه الأخبار مثل سابقتها، فالشعب تواق ليرى مصداقية هذه الأخبار الحكومية، ولكنه في الوقت نفسه يسمع تقارير خبراء الاقتصاد التي تتبنَّاها أحزاب المعارضة التركية التي تُقلل من مصداقية هذه الأخبار، ويتهمون أخبار الحكومة باكتشاف حقول النفط والغاز بأنها مجرد أسلحة إعلامية، تستعملها الحكومة والحزب الحاكم لرفع درجة شعبيتهم في الأوساط الشعبية لأسباب داخلية، وأسباب خارجية لها صلة بالصعوبات التي تواجهها الدولة في التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.