الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

حظر «تيك توك».. والضرر الأمريكي

قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شن الحرب على ثاني شركة تكنولوجيا صينية وهي «بايتدانس» المالكة لتطبيق «تيك توك» الشهير، وقرر حظر التطبيق داخل بلاده، أو قيام إحدى الشركات الأمريكية بشرائه، وهذا الإجراء التعسفي بحق الشركات الصينية لن يضر بها فقط، بل سيضر بالولايات المتحدة لتخليها عن مبدأ التجارة الحرة، وعن النظام الرأسمالي القائم على السماح للجميع بحرية المنافسة، وهو المبدأ الذي دافعت عنه أمريكا طيلة عقود طويلة، ومكنّها من قيادة العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

الإجراءات الأمريكية ضد الشركات الصينية تعزز مفهوم الاحتكار الذي تمارسه أمريكا لاحتكار التكنولوجيا وشركاتها وتطبيقاتها لواحة السيليكون، ومثل هذه الإجراءات تجعل المستثمرين الأجانب يتخوفون من الانفتاح على الاقتصاد الأمريكي نتيجة الإجراءات الاحتكارية، التي مُورِست ضد الشركات الصينية.

تطبيق «تيك توك» استطاع أن يضع نفسه وسط أكبر منصات التواصل الاجتماعي العالمية خلال وقت قصير جداً، كما استطاع جذب الملايين من المستخدمين، وتعدى عدد مستخدميه منصات أمريكية شهيرة، وهذا ما جعل التخوف الأمريكي من أن تحل التكنولوجيا الصينية مكان التكنولوجيا الأمريكية.


الخوف ليس من الانتشار الواسع والتأثير الذي حصدته التطبيقات الصينية، وإنما التخوف الأكبر من التطور الملحوظ في التقنيات الصينية المستخدمة في تطوير المنصات الرقمية والتي اعتمدت على خوارزميات متطورة، بالإضافة لاستخدامها تقنيات الذكاء الاصطناعي وانفتاحها بشكل موسع على أنظمة الجيل الخامس من الاتصالات.


ذلك ما يخيف السياسة الأمريكية، فقررت شن الحرب على هذه التكنولوجيا القادمة لتنافس كبرى الشركات في واحة السيليكون، التي ظلت تمارس القيادة التكنولوجية وتطوراتها لسنوات، لتأتي الشركات الصينية وتنافسها في قوة الانتشار والتطور، ما أربك الإدارة الأمريكية وجعلها تمارس كافة الضغوط لحماية مصالحها ومصالح شركاتها، إلا أن هذه الممارسات ستعود بالضرر الكبير على وضع الولايات المتحدة وتنافسيتها الاستثمارية.

التكنولوجيا الصينية قادمة وبقوة، لتنافس بنزاهة شركات التكنولوجيا العالمية وتضع بصمتها في مقبل السنوات كتكنولوجيا متطورة وحديثة وآمنة، والتخوف الأمريكي والحرب القائمة ضد هذه التكنولوجيا لن يوقف هذا الانتشار وقوة التأثير، بل سنجد شركات وتطبيقات وأنظمة صينية تنتشر وتغزو العالم، فما وصلت إليه الشركات الصينية من تطور سيعزز تنافسيتها وثقة العالم بها، ليس لكونها تكنولوجيا متطورة فحسب، بل كونها تحاكي المستقبل، وتتطلع لربط العالم بأنظمة اتصال سريعة تلبي الاحتياجات العالمية، وتقطع الطريق أمام أي سياسة احتكارية تهدد هذا القطاع الحيوي.