الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أوروبا.. والتعنت الإيراني

شهد الملف النووي الإيراني تطوراً ملحوظاً مع عملية شد الحبال، التي تواجهت من خلالها دول الاتحاد الأوروبي الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني والولايات المتحدة تحت سقف الأمم المتحدة، وقد سعت واشنطن بكل قوتها الدبلوماسية إلى تفعيل آليات فرض العقوبات الدولية على النظام الإيراني.

وفي تحدٍ يعكس في حد ذاته تدهور العلاقات الأوروبية ـ الأمريكية وقفت دول الاتحاد الأوروبي سدّاً منيعاً أمام الاستراتيجيات الأمريكية، وأحبطتها، بشكل دفع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى اعتبار هذه الدول خلفية لنظام الملالي الإيراني.

وربما يكون من الصدف الدبلوماسية أن يتوجه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران في محاولة لزيارة موقعين إيرانيين نشرت الصحافة الدولية بخصوصهما شكوكاً باحتضانهما أنشطة نووية تنتهك بشكل صارخ الالتزامات الإيرانية مع المجموعة الدولية.


ويبدو أن الرسالة الأوروبية الموجهة إلى إيران، مفادها أن أوروبا خاضت معركة كسر عظام دبلوماسية، من أجل الدفاع عن الاتفاق النووي لتفادي الفراغ الأمني الدولي، وأن الوقت حان لكي يُظهر النظام الإيراني تصرفات أكثر إيجابية.


ومن بين هذه التصرفات المطلوبة أوروبياً فتح غير مشروط للترسانة الإيرانية أمام التفتيش الدولي لدحض ازدواجية الخطاب هذا أولاً، وثانياً: تغيير إيران نشاطها العدواني في المنطقة، الذي يشكل مصدر قلق لجيرانها في العراق ولبنان واليمن.

ويدخل الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الفرنسي مع نظيره الإيراني في خانة هذه الجهود الأوروبية، التي تهدف إلى إقناع الآلة العسكرية الإيرانية بعدم اللعب خارج مربعها الوطني، خصوصاً أن فرنسا تصبو إلى تحقيق نفس الأهداف التي حققتها الإدارة الأمريكية في العراق مع مصطفى الكاظمي.. أي إقناع الإيرانيين بأن من مصلحتهم فك الارتباط مع المشهد السياسي اللبناني ليتسنى لهذا البلد المنكوب أمنياً واقتصادياً وسياسياً الخروج من العزلة التي يتخبط فيها.

ولا شك أن اللقاء الذي سيجمع الفاعلين في الملف النووي الإيراني في مدينة فيينا في الفاتح من سبتمبر المقبل، سيكون مناسبة للقيادة الإيرانية للتعبير عما إذا كانت استوعبت رهانات المرحلة.. إما تقديم الدليل القاطع ـ الذي لا رجعة فيه ـ على أنها على حق في عملية الدفاع المستميت عن اتفاق عام 2015، أو تترك زمام المبادرة للولايات المتحدة التي تصبو منذ وصول دونالد ترامب إلى تقليم أظافر النظام الإيراني مهما كلف ذلك من ثمن.