الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ألم يَحِنِ الوقت يا دمشق؟

الناظر إلى عاصمة الأمويين «دمشق» لن يسره حالها، فلا الوجوه هي ذاتها التي كانت تبعث الفرح في نفوس زائريها، ولا الشعب بات قادراً على تحمل المصاعب أكثر، تغير وجه مدينة الياسمين، تعبت وأثقلت المعارك خطاها.

لا يفيد كثيراً البحث عن أسباب الحرب العبثية، والحالة التي وصلت إليها البلاد بقدر تتبع طرق الحل الذي يبحث عنه السوريون.

كثيرة هي الأطراف التي تدخلت في الملف السوري بطريقة مباشرة أو غير ذلك، ولكن لدولة واحدة الأثر السلبي الأكبر على قلب العروبة، وهي «إيران» التي قدمت نفسها على أنها حليف السوريين «الأكثر وفاءً»، وفي الحقيقة هي عكس ذلك، إذ إنها تبحث عن مكانة لها في العالم عبر مسكها ملفات دول تجاهر بسيطرتها على عواصمها.


لم يكن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 هو موعد بروز دور إيران على الساحة العربية بثقل كبير، فهي سبقت ذلك بكثير، ولكنه التاريخ المفصلي الذي ساعد طهران على وضع قدم «ثقيلة» في بلدين عربيين محوريين: العراق وسوريا.


روسيا حليفة الدولة السورية ليست قادرة على إبعاد إيران عن الملف السوري كما هو مطلوب منها في الأروقة الدولية ـ القريبة منها والبعيدة ـ إن لم تبادر الحكومة السورية بذلك، وإن على دفعات، والسؤال: كيف يمكن لدمشق فك ارتباطها بطهران؟

أمران سيساعدان دمشق على ذلك، أولهما: العامل الأيديولوجي، فالأيديولوجيا التي تنتهجها إيران في سياستها الخارجية القائمة على تصدير مشروع «الثورة الخمينية» بلبوس ديني طائفي ضيق، لا تتماشى والمشروع القومي العربي، وتتعارض أيضاً مع ذهنية الحاكم في سوريا بمنظومته السياسية والعسكرية، فهذه المنظومة عمادها منطلقات فكرية مستمدة من الفلسفة الاشتراكية.

وثانيهما: العامل الدولي، إذ لا شك في أن كل الأطراف الإقليمية والدولية المحيطة بالملف السوري ترى إيران جزءاً من المشكلة لا الحل، لا سيما داخل الحاضنة العربية، التي لا تروق لها مواصلة إيران لفرض نفوذها في دول كانت حجر الأساس في بناء المنظومة العربية ككل.

نستطيع القول: إن لحظة مغادرة إيران لسوريا ليست بالبعيدة وقد حان وقتها، إذ بات واضحاً تململ السوريين من نفوذها وميليشياتها، وبخاصة في السنوات الخمس الأخيرة، وما ساحات النزاع بين الحلفاء على الأرض السورية وتحديداً جنوب درعا وريف دير الزور، وكذلك مناطق الساحل السوري إلا تجسيد لهذا الأمر.