الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الشرق الأوسط.. صراع الخرائط

كان الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديجول كما قيل، لا يتكلم في أي موضوع سياسي أوغيره حتى تكون الخريطة السياسية للعالم أمامه، وذلك ليستطيع أن يفهم الجوانب المختلفة لأي قضية دولية، خاصة المتعلقة بالصراعات والتنافسات والمصالح.

واليوم، من يتابع ما يجري في الشرق الأوسط وما حوله، يدرك تماماً احتدام الصراع على الخرائط فيه، بعض ذلك ناتج حقيقة عن رغبة الأمريكان في تغيير خرائطه السياسية التي صاغها ورسمها الإنجليز والفرنسيون وغيرهم، ليتناسب مع تصورهم لمستقبل المنطقة وبما يحقق مصالحهم ويخدم مشاريعهم، يقوم على إحداث تعديلات وتغييرات وتقسيمات جديدة على أرض الواقع، ستنتج عنها صراعات وحروب جديدة متعلقة بالسيطرة على الأرض وامتلاكها براً وبحراً وجواً، أو خاصة بالنفوذ والمصالح، أو ناتجة عن الرغبة في تغيير قواعد اللعب والاشتباك المعمول بها، حيث نشاهد اليوم أنواعاً وأشكالاً مختلفة لهذا الصراع، منها:

- صراع خرائط يتعلق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي، تأخذ مناطق وأقاليم عدة الصدارة فيه مثل: الضفة الغربية وغور الأردن والجولان السوري وصحراء سيناء وغيرها، سيتبعه صراع على مناطق ذات بعد ديني وتاريخي.


- صراع خرائط يتمحور حول انفصالات وانقسامات بحضور دولي، وتوقع ظهور كيانات سياسية جديدة نتيجة لذلك، ومثاله ما يجري في السودان والصومال ومناطق الأكراد وغيرها، وحول حروب دائرة كما في العراق وليبيا واليمن وسوريا.


- صراع خرائط يختص بالمصالح والنفوذ، للسيطرة على جزر وموانئ وسواحل ومضائق في البحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي وفي المتوسط، وآخر يدور حول المياه ومنابعها ومساراتها، كالذي يجري بين دول نهر النيل.

- صراع دولي مهتم بالسيطرة على مناطق عسكرية واستراتيجية وقواعد وغيرها، يتبع أطرافاً دولية كأمريكا وروسيا ودول أوروبية.

- صراع خرائط يرتبط بالطاقة، يُعتبر شرق المتوسط اليوم أهم مناطقه، بدوله المعنية، وبوجود أطراف إقليمية ودولية مهتمة بهذا الصراع المحموم، بكل ما يتعلق به من خطوط نقل للطاقة وترسيم للحدود البحرية واتفاقيات وفرص اقتصادية مغرية، الأمر الذي سيشعل جذوته مستقبلاً.

وهناك بالطبع صراعات أخرى، لكن لماذا يحدث كل هذا؟

إنّه بكل تأكيد بسبب عدم اتفاق دول المنطقة وتفرقها وضعفها، وقدرة الآخر الأجنبي على استهداف المنطقة والسيطرة عليها، وصناعته لبعض صراعاتها وجعلها في حالة مستمرة من الحروب والخلافات، وذلك لإبقائها في دوامة التأخر والتناحر والتبعيّة، خدمة لأهدافه ومصالحه ومخططاته.