الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ميليشيات العراق.. والطلب الأمريكي

لا تبدو المعادلة مستقيمة ومتوازنة كما أرادت بعض القوى السياسية تصويرها عند عودة مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة العراقية من لقاء الرئيس الأمريكي في واشنطن، حين قالت تلك القوى إننا في انتظار تطبيق نتائج الزيارة على الأرض، وإنّ خطوات الكاظمي بعد عودته من واشنطن ستحلل فوراً على أنها مشتقة من وحي الزيارة تحديداً، كما لا تتوازن المعادلة بالظن أنّ المطلب الأمريكي بتقليص النفوذ الإيراني في العراق ينحصر في حل الميليشيات العاملة خارج سلطة القائد العام، وتقنين مفهوم التأثير الإيراني في الذراع العسكرية فحسب.

في الوقت ذاته، لا يمكن التسليم بواقعية المقاربة الأمريكية التي طرحها وزير الخارجية مايك بومبيو في أن واشنطن ستدعم الشرطة المحلية لتكون بديل الميليشيات، ذلك أن الجانب الأمريكي لا يتعاطى كثيراً مع التكوينات الداخلية التي تمَّ عبرها ضخ الدم في شرايين الميليشيات، وهي التي تنبع من فتوى عقائدية بررت التشكيل والعمل وأعطت للحكومة ذلك الغطاء «الشرعي» بكون أنّ القوى الحاكمة إسلامية، للمضي في تبني مشروع الكيانات المسلحة غير المنضوية تحت سلطة الجيش.

بومبيو لم يتوقّف عند مسألة مهمة، هي أنَّ أدوار عمل الميليشيات في العراق ليست مشابهة للشرطة المحلية التي اقترح أن تكون هي البديل، ذلك أن الميليشيات لها تمثيل سياسي مهيمن في البرلمان بما يضمن توجيه القوانين والقرارات، في حين أن الشرطة ليس لها دور سياسي ولم تفرز لذاتها شخصيات للتمثيل البرلماني.


إن الخطوات التي يسير عليها الكاظمي، لا تذهب باتجاه حل الميليشيات مطلقاً، فقادتها هم قادة الكتل السياسية التي صوتت له يوم تنصيبه رئيساً للحكومة، وهي القيادات ذاتها التي يتشاور معها في شؤون الأمن والدفاع والتوازن السياسي كما يتشاور مع القيادات العسكرية النظامية، فمن أين جاءت القناعة بأن الكاظمي يحمل مشروع حل الميليشيات؟ هل يكفي أنه سمع ذلك عبر الطلب الأمريكي فحسب؟


إنَّ فكرة شرعنة الميليشيات سبقت الفتوى التي دفع بها إلى السطح احتلال تنظيم داعش لـ3 محافظات والوصول إلى مشارف بغداد في عام 2014، وذلك من خلال قرار الحاكم المدني الأمريكي للعراق في أيام الاحتلال، بول بريمر، حين أجاز في قرار صادر عن سلطته 11 من الميليشيات للعمل خارج إطار الجيش العراقي الذي كان طور التشكيل.