الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

«صابيربيا» أمريكا!

ليلة خميس أمريكية بدت وكأنها ليلة عيد الاستقلال، ضمّ دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات 2020، سابقة إلى سجله الحافل بالمفاجآت والأرقام القياسية - بحلوها ومرها -، ضمّ الألعاب النارية أمام البيت الأبيض وفوق مسلة واشنطن، فور إتمامه خطاب قبول الترشيح لولاية ثانية.

خلافا للـ«بالونات» الحمراء والزرقاء والبيضاء الهابطة من الأعلى، كما جرت العادة في مؤتمري الحزبين الجمهوري والديمقراطي، قرر فريق حملة ترامب وربما هو بنفسه إطلاق ألعاب نارية شكّلت اسمه بألوان زاهية رسمت صورة مغايرة لمفرقعات صاحبت الاحتجاجات، التي شابها العنف في ولاية ويسكونسن إثر حادثة أعادت إلى الأذهان مقتل جورج فلويد في ولاية مينيسوتا قبل 4 أشهر.

لا يسمح مقام المقال بالخوض في الفارق بين حملتي الحزبين ولا بين سباق 2020، في ظل كوفيد-19 وما سبقه من انتخابات، لكن ثمة قواسم مشتركة بينها جميعاً، لعل من أبرزها: الحرص على كسب الولايات المتأرجحة، واستمالة المستقلين واستقطاب غير الراضين من الحزب الآخر للتصويت خارج حظيرة الحزب.


ما من شيء يجسد ما سبق أكثر مما يعرف بـ«صابيربيا»!، لا ليست صربيا تلك التي صارت من مخلفات ما عرف بيوغسلافيا، جذر الكلمة يعود لما يعني بالعربية الضواحي، وبحسب طبيعتها الاقتصادية - الاجتماعية، فرضت الضواحي على المرشحين السعي إلى نيل الرضا، ولطالما شكلوا بيضة القبان خاصة في الولايات المتأرجحة.


لكن صابيربيا أمريكا 2020، صارت تمتلك قوة أكثر حسْماً في ظل سعي الحزب الديمقراطي إلى ما يعرف بإعادة تغيير المعايير الناظمة لحدود الضواحي والتمدد السكني والعمراني مقابل الحد الفضائي الأدنى المسموح به، وتلك مسألة قام الديمقراطيون بتوظيفها لصالح «السود والملونين» على نحو خاص فيما بدا وكأنه مرتبط بمفهوم آخر سابق لا يقل خطورة، وهو إعادة ترسيم حدود المقاطعات أو بالأحرى الدوائر الانتخابية.

المسألة تمت التهيئة لها تشريعياً في جلسة استماع حول الإحصاء السكاني ومحاولة إدخال تعديلات وإضافات تتعلق بالأصول الإثنية للمواطنين الذين لا يريد الديمقراطيون اقتصار التعداد السكاني عليهم بل على الناس كافة، رغم إقرارهم بوجود عشرات ملايين من المقيمين والمهاجرين غير الشرعيين!

صحيح أن الحملتين - وأكثرهما قُرْباً لواقع ما قبل «الكونغ فو» حملة الجمهوريين - تخطبان ودّ صابيربيا، إلا أن ثقافة الشطب والتنمر الذي لم يسلم منه حتى السيناتور المخضرم راند بول بعيد اختتام أعمال المؤتمر، ستحول دون معرفة موقف ناخبي الضواحي عبر استطلاعات الرأي، ما يعزز تكرار مفاجأة 2016!