الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الاتحاد الأوروبي بين تركيا واليونان

لوقت قصير جرى الحديث عن رغبة تركية يونانية متبادلة لإجراء مفاوضات للتوصل إلى اتفاق حول القضايا المتنازع عليها بينهما، بل وبحث أفاق التعاون بين البلدين، وفجأة بدأت السفن الحربية تحتك ببعضها، وطائرات أف16 تطارد بعضها، فرفع ذلك وتيرة قلق الشعبين، لأن أي صراع حربي بينهما سيكون ثقيلا على الشعبين والمنطقة، فتوجهت الأنظار إلى الاتحاد الأوروبي حتى يفصل بينهما، بحكم «انتمائهما» له أولاً، وبحكم دوره في الاطلاع بمسؤوليته الأمنية في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط.

بدأت تركيا تطالب بأن يقوم الاتحاد الأوروبي بدور حيادي وعلى أساس القانون الدولي للمياه الاقليمية والممرات المائية، جاء ذلك من خلال تأكيد الرئيس طيب رجب أردوغان على أمين حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ بضرورة «تحمل الحلف مسؤولياته تجاه الخطوات الأحادية التي تتجاهل القانون الدولي، وتضر بالسلام الإقليمي شرقي المتوسط»، وأن تركيا «ستواصل حماية حقوقها ومصالحها في كل زمان ومكان، وأنها تؤيد حلا عادلا يعود بالفائدة دول شرق المتوسط كافة».

جاء الموقف من المفوض السامي للعلاقات الخارجية وسياسات الأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في نفس اليوم الجمعة 28 سبتمبر 2020 يقول:«إن على تركيا تجنب التصرف بشكل أحادي في خلافاتها مع اليونان في منطقة شرق المتوسط».


هذا التصريح لجوزيب بوريل جاءت على هامش الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة الألمانية برلين، وهذا يعني أن وجهة نظر وزراء الخارجية للاتحاد الأوروبي تقف إلى جانب اليونان، بل قام الاتحاد الأوروبي بتوجيه تهديدات لتركيا بفرض عقوبات عليها ربما تشمل السفن التابعة لها، بالإضافة إلى قائمة من الأسماء من ذوي الصلة بأعمال التنقيب، وقد تتطور إلى عقوبات اقتصادية.


لم يتخذ حتى الآن إجراء أي عقوبات من الاتحاد على تركيا، ولكن مجرد التهديد بالعقوبات يفيد بالاصطفاف الأوروبي إلى جانب اليونان، وهو ما امتعضت منه السياسية التركية معتبرة هذا الاصطفاف هو ما جعل اليونان تتخذ هذا الموقف غير القانوني من وجهة نظر تركية.

بل ذهبت تركيا إلى اتهام الاتحاد الأوروبي بتجاوز حدوده، وهذا يعني أن تركيا لم تعد في مواجهة مع اليونان فقط، وإنما في مواجهة مع الاتحاد الأوروبي أيضا، وهذا يفرض عليها أن تعيد النظر في حساباتها السياسية والعسكرية أيضاً، فإذا كان الهدف من هذا التصعيد في الصراع من وجهة محللين سياسيين رفع شعبية الحكومة التركية وحزبها الحاكم، فإن أي خطأ في هذه الحسابات قد تكون نتائجه كارثية، وخسائره أكثر من التوقعات.