الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الدبلوماسية.. والقداسة الإبراهيمية

لقد تغيرت منطقة الشرق الأوسط بشكل مطرد في العقدين الماضيين، وبينما كانت الإمارات العربية المتحدة تهتم بهدوء بالعلاقات الدبلوماسية مع جميع دول العالم، بما في ذلك إسرائيل منذ سنوات، استمرت التوترات المتزايدة مع إيران، التي تحاول أن تفرض نفسها في المنطقة، لكن الدبلوماسية الإماراتية تمكنت من احتوائها بالحكمة حتى الآن بشكل أو بآخر.

فالسلام النفسي والانسجام الذاتي اللذين تتحلى بهما هذه الدولة الفتية يعمقان الفكر الإنساني السليم، باعتماد منهجية أن معرفة الآخر تؤدي إلى جوانب إيجابية لا يراها البعض في البعد والانكفاء، بينما الانفتاح على الآخر بقوة الإرادة التي تجذب فكرة أن قبول الآخر هو مفتاح البصر والبصيرة، تعمل من أجل السلام والعدالة والمساواة، وهذه بدورها تؤدي إلى أخذ حقوق الشعوب بالسلم والحكمة.

يقودنا كل هذا إلى السؤال عن هذا الدور الريادي في الاتفاق الإبراهيمي: هل هو احتواء المعتقد اليهودي أم هو فتح باب التسامح من واقع الكتب السماوية الثلاثة التي تدعو لهذه القيمة القدسية؟ فالإبراهيمية كمفهوم سياسي، والذي بدأ الحديث عنها في عام 1990 من القرن الماضي أصبح مشروعاً للسلام في الشرق الأوسط في مطلع عام 2000.


إن فكرة بلورة المفاهيم المقدسة في تعاليم التسامح الإبراهيمي في الكتب السماوية الثلاثة، وتنصيفها من خلال إعادة قراءة نصوصها من رجال الدين كملفات دبلوماسية، ستسهم في الحل بعد تحويلها إلى السلك الدبلوماسي، لكي توضع في الحوارات بين بلدان المنطقة فيما يعرف بالمسار الدبلوماسي الموازي للرسمي، وهي قاعدة تم تأسيسها في الولايات المتحدة عام 2013.


تجدر الإشارة إلى أنه من خلال ما يعرف بشبكة الشبكات التي أنشأتها الدبلوماسية الأمريكية، والتي تضم أُسر السلام والقادة الروحيين المؤثرين والصوفيين ومراكز الفكر الإبراهيمي في جامعات مثل: هارفارد وبنسلفانيا وفيرجينيا، ومراكز الفكر التواصلية مثل: مراكز طوني بلير في الشرق الأوسط وإفريقيا، يجري العمل عبرها على التقريب بين وجهات النظر والتواصل بين الشعوب بمعتقداتهم لإدامة السلام.

مما سبق، يتضح أنه لا يوجد أي غموض في أن مشكلات الشرق الأوسط لا يمكن حلها إلا عندما يجتمع الناس من جميع الأديان لمحاربة العنف والتطرف، واغتنام الفرص الاقتصادية، فالدبلوماسية الجريئة ورؤية قادة مبادرة السلام مع إسرائيل ترسم طريقاً جديداً يفتح آفاقاً أمام إمكانات كبيرة في المنطقة لصالح الجميع.. لقد جسدت الإمارات «وثيقة الأخوة الإنسانية»، ومن المتوقع أن تنضم إليها دول أخرى لإحلال السلام في المنطقة.