السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

مأزق الخلاف المصري ـ الإثيوبي

مع اقتراب الانتهاء من أعمال بناء سد النهضة الإثيوبي، يبدو أن امتلاء خزانه يتم بسرعة تفوق ما كان متوقعاً، وتشعر الدولتان الأقرب إلى المصب ـ مصر والسودان ـ بخيبة أمل كبيرة لعدم تلبية مطالبهما في هذا الشأن.

وباستثناء الاتفاقيات الثنائية، لا يوجد قانون عالمي لإدارة مياه الأنهار الدولية، وبقي هذا الواقع لفترة طويلة يعمل لمصلحة مصر بالدرجة الأولى والسودان بدرجة أقل، وتم استبعاد إثيوبيا تماماً من مباحثات تقاسم المياه التي نظمت عامَي 1929 و1959، وكان لا بد من أن يتغير هذا الوضع عاجلاً أو آجلاً.

وكانت دولتا المصب تتمتعان بالحرية الكاملة لاستغلال كل الكميات التي تحتاجان إليها من مياه النهر، وحدث شيء مماثل عندما عمدت تركيا إلى استغلال مياه المنابع العليا لنهري دجلة والفرات، أو قيام إسرائيل باستغلال مياه القسم الأعلى من نهر الأردن في مرتفعات الجولان والجليل الأعلى.


وفيما يتعلق بمصير فرعي النيل الأبيض والأزرق، جاءت نقطة التحول الكبرى من خلال مؤتمر عينتيبي في شهر مايو من عام 2010 الذي شاركت فيه خمس دول يعبرها النهر، وقرر المشاركون فيه تنظيم استغلال مياهه من دون الحاجة لطلب موافقة القاهرة أو الخرطوم.


وكان اجتماع مجلس الأمن الدولي المخصص لمناقشة هذا الموضوع بلا فائدة، لأن الأعضاء شعروا بالحرج من تأييد أحد الفريقين على حساب الآخر، وأعلنت مصر أن سد النهضة يمثل تهديداً خطيراً بالنسبة لها، فيما وصفته إثيوبيا بأنه العنصر الأساسي لتحقيق طموحاتها التنموية، وفضّلت السودان اختيار الموقف الوسطي، وانطوى التطور الأخير لهذه القضية على المبدأ الذي كان من الضروري الأخذ به منذ البداية، ويتعلق بالمراجعة الشاملة لآفاق الإدارة المشتركة لمياه النيل.

وهذا يذكرني بموضوع البحث الميداني لشهادة الدكتوراه التي أحملها، ويتعلق بتأثير السد العالي في أسوان على الحياة في مصر، وذلك في أواسط عقد السبعينات عقب الوفاة المفاجئة للرئيس جمال عبدالناصر عام 1970 وتسلم الرئيس أنور السادات لزمام السلطة.

وفي ذلك الوقت، كانت أصابع الاتهام تتجه إلى السد العالي، وإلى السوفييت الذين ساهموا في بنائه بأنهم يمثلون معاً السبب الأساسي للمشاكل التي تعاني منها مصر.

ويكون من الضروري التذكير أيضاً بأن الوفرة المفاجئة والمجانية للمياه العذبة، بالإضافة إلى الكم الكبير من الطاقة الكهربائية، أسيء استخدامهما في مصر إلى حد كبير في محاولة لاستزراع مساحات واسعة من الصحراء، والإفراط في ري الأراضي الزراعية.

وتجدر الملاحظة إلى أن مصر، وبالرغم من ازدياد عدد سكانها الآن إلى أكثر من ضعف ما كان عليه في ذلك الوقت، لم تعد تعتمد على الزراعة مثلما كانت من قبل، بل على البترول والغاز والسياحة وتحويلات المغتربين المصريين العاملين في الخارج، من أجل تأمين الأموال اللازمة لاستيراد معظم المواد الغذائية التي تستهلكها، وتكمن مشكلتها الكبرى بالإسراف في استخدام المياه الزائدة التي تضر بتربة الحقول.