الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تركيا ـ روسيا.. مناورات شرق المتوسط

تشهد منطقة شرق المتوسط هذه الأيام خلافات كبيرة حول حقوق التنقيب عن الغاز الطبيعي، كادت تصل إلى حد الحرب العسكرية بين دول المنطقة، وبالأخص بين تركيا واليونان، تركيا تقول: إنها تريد تقاسماً عادلاً لمناطق التنقيب، بحكم القانون الدولي على المياه الإقليمية التي تدخل ضمن وطنها الأزرق، واتخذت قرار التنقيب عن الغاز منفردة قبل أشهر لعدم التوصل إلى اتفاق مع دول المنطقة واليونان تحديداً، بينما اليونان تعتبر هذا التنقيب غير مشروع وأنه يقع في جرفها القاري، بالرغم من قربها لمسافة كيلومترات من الحدود التركية.

الموقف الأوروبي مضطرب بين المواقف السياسية التي يتزعمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي بانحيازه لليونان اعتبر المتوسط نفوذاً أوروبياً خالصاً، وبين موقف حلف الناتو الذي لا يريد حروباً في مناطق نفوذه وبين أعضائه، وبريطانيا أقرب إلى الحياد، حيث تسعى للخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي، فلا تُلزم نفسها لا بمواقف الاتحاد ولا بالمواقف الفرنسية تجاه تركيا، أما أمريكا، ولاستثمار الصراع في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فرفعت الحظر الأمريكي عن قبرص اليونانية من الأسلحة الأمريكية، وهذا مؤشر على اصطفاف أمريكا مع الموقف اليوناني والقبرصي، ورغبة أمريكية لنشوب احتكاكات عسكرية بين تركيا واليونان لا ترقى لمستوى الحرب حد الاستثمار الرئاسي لدونالد ترامب.

وأخيراً جاء الإعلان التركي عن مناورات عسكرية ثنائية تركية ـ روسية بالذخيرة الحية هذا الشهر في شرق المتوسط ليزيد الأزمة توتراً وخطراً، حيث قالت أنقرة: «إن هذه المناورات ستجري في المناطق التي تجري فيها عمليات المسح الزلزالي التركية بحثاً عن موارد الطاقة».


وما هو مهم هو أن تعلن تركيا عن المناورات الروسية وليس روسيا، وفي ذلك دلالة على تفاهم تركي ـ روسي، أن تعلن تركيا عن المناورات، بحكم إجرائها في مياهها الإقليمية، وقد يكون ذلك تأكيداً من روسيا على التهم الموجهة إليها من الغرب بأنها تدعم الموقف التركي، وهو ما نفته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا» ووصفته بالاستفزاز، وقالت: «إن موسكو لا تبحث عن مكتسبات من خلال تصادم الحلفاء والدول في منطقة حساسة كشرق البحر الأبيض المتوسط»، وأن روسيا تدعو إلى حل المسائل الخلافية بين الدول عن طريق الحوار السياسي وبناء الثقة، والبحث عن الحلول التي تلائم جميع الأطراف والمبنية على قواعد القانون الدولي، وكأن دخول روسيا على الخط يعني أن ما يحدث حالياً شرق المتوسط هو معارك دبلوماسية لإعادة رسم مناطق النفوذ من جديد.