الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

ماكرون وأردوغان.. طريق القطيعة

تنظر الأوساط الأمنية الأوروبية بقلق كبير لنوعية العلاقات بين الرئيسين التركي والفرنسي، التي وصلت في بعض الأحيان إلى الشتيمة واللغة البذيئة.

وقد تدهورت العلاقات بين الرجلين لدرجة أنهما أصبحا يستغلان أي «خرجة» إعلامية لهما للرد، والتصعيد والهجوم المضاد، ومن مؤشرات الاختناق السياسي والدبلوماسي، الذي يطبع العلاقات بين الزعيمين أنه لا إمكانية في الأفق القريب لعقد لقاء بين ماكرون وأردوغان بدون اللجوء إلى وساطة دولية.

لا أحد يستبعد في حقيقة الأمر أن تكون فرنسا وتركيا قد لجأتا إلى مبالغة في التعبير عن موقفهما بحدة غير معهودة لخدمة أجندات داخلية.. الرئيس التركي الذي يعيش تحديات داخلية تنبئ بخسارته الانتخابية وبتشنج الشارع التركي ضده يسعى إلى رفع نبرة التحدي تجاه الخارج كخيار مقصود يهدف من ورائه لترسيخ شعبيته كرجل يريد أن يعيد للدور التركي رونقه التاريخي، وأن يتقمص شخصية الزعيم المدافع الشرس عن مصالح بلاده ودورها الإقليمي.


في المقابل، ترى بعض الأوساط الفرنسية والأوروبية أن إيمانويل ماكرن وجد في هذا النزاع فرصة ذهبية للتأكيد على دوره الريادي في المنظومة الأوروبية، فهو على المستوى الداخلي استثمر جهوداً عملاقة لإنقاذها على المستوى الاقتصادي، وفي معركته ضد الأتراك يسعى أيضاً لتقمص شخصية المدافع العسكري الأول عن المصالح الأوروبية.


العلاقة بين رجب طيب أردوغان وإيمانويل ماكرون وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر، فالقيادة التركية تصف ماكرون بالبلطجة واتباع سياسة استعمارية في المنطقة، بينما القيادة الفرنسية وصفت أردوغان بالقومي الإسلاموي (وتعد هذه العبارة في المعجم الدبلوماسي الفرنسي والأوروبي من أخطر التهم لأنها تشير في الذاكرة الجماعية إلى أوضاع سوداوية).

وبالرغم من أنه لا يوجد في قاموس العلاقات الدولية مفهوم القطيعة النهائية بل المصالح المشتركة، فلا أحد يتخيل في المدى القريب صورة تجمع في إطار واحد إيمانويل ماكرون برجب طيب أردوغان.

الأجندة الدبلوماسية المقبلة المتمثلة في القمة الأوروبية توحي بأنه في حال لم يتراجع أردوغان عن أطماعه البحرية في شرق المتوسط، والسياسية في ليبيا، وفي حال لم يخفض من عسكرة علاقاته مع محيطه فإنه قد يتلقى ترسانة من العقوبات الاقتصادية تزيد من تردي الأوضاع في تركيا وعزلها دولياً وإقليمياً.