الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

عقلاء تركيا.. وأوهام أردوغان

أدان عدد كبير من المعارضة التركية ـ في مقدمتهم رئيس حزب الشعب كمال كليغدار أوغلو ـ مواقف الرئيس رجب طيب أردوغان تجاه مصر، ولا شك أن تركيا خسرت كثيراً في مواقفها ضد مصر.

لقد جمع الرئيس أردوغان فلول الإخوان الهاربين من مصر، ومعهم بقايا المرتزقة من سوريا والعراق، وتصور أنه سيعيد أمجاد الدولة العثمانية بهذه الحشود، لكنه في حقيقة الأمر نسي مجموعة حقائق، أهمها: أن مصر دولة كبيرة، وهي أكبر من تركيا شعباً وجيشاً وتاريخاً، كما أنها تملك واحداً من أكبر الجيوش، وتتمتع بثقل ووزن دولي يتجاوز تركيا بكثير.

إن رصيد تركيا الدولي ينحصر في عضويتها في حلف الناتو، لكن الاتحاد الأوروبي يرفضها عضواً فيه، ولهذا كان موقف أردوغان من مصر خطأ فادحاً، كما أن احتلاله ليبيا يمثل عدواناً واضحاً على العالم العربي، وتسلل تركيا إلى قطر والصومال وجيبوتي، وهي دول عربية، اعتداء على الوطن العربي كله، الذي يعيش الآن مرحلة صعبة من تاريخه.


أحلام أردوغان التوسعية، خاصة في العالم العربي، اختارت الطريق الخطأ رغم حالة الضعف التي تعاني منها الشعوب العربية، وكان من المفترض أن تتجه أحلامه نحو دعم وجود بلاده في محيطها الأوروبي، وإلى دور أكبر في الناتو والاتحاد الأوروبي.


إن سياسة التخبط ما بين احتلال ليبيا وسوريا والعراق، والتآمر في قطر، وتهديد الدول العربية بما فيها مصر والسعودية والإمارات، ستنتهي بتركيا إلى العزلة أمام خسارتها الفادحة في العالم والعربي، والكراهية التي تجددت مع شعوب أوروبا، والطموحات التوسعية التي لا تستطيع قدرات تركيا تحملها عسكرياً واقتصادياً وبشرياً.

إن كل هذا يؤكد أن المشروع التركي لم يأتِ في الوقت المناسب، وأن العالم لن يسمح بعودة الدولة العثمانية حتى لو رفعت كذباً راية الإسلام.

المعارضة التركية تدرك أن أطماع أردوغان ستحول دون بقائه في السلطة في ظل هذا التخبط، وأن العالم سوف يقف ضد تلك الأطماع حتي لو تخفت وراء الإسلام، لأن الإسلام أكبر من ألاعيب السياسة وأطماع المغامرين.

الرئيس أردوغان يريد أن يعيد أمجاداً انتهى زمانها، والعالم الذي كان يوماً يحلم بالإمبراطوريات أصبح الآن خارج السياق، ونحن أمام رجل قرر أن يحارب العالم كله شرقاً وغرباً من أجل حلم كاذب.. لقد أخطأ أردوغان في حق الشعب التركي، وأخطأ في حق العرب وأخطأ في حق الإسلام، وسوف يدفع الثمن.