الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الدولة الوطنية.. سيادة أو قسمة

برغم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة منذ عشرات السنين، فإنها لم تشهد حالة من التردي كالتي نشهدها هذه الأيام، فما تعيشه دول عربية عدة من صراعات سياسية وعسكرية أوصلتها إلى مرحلة انتفى معها مفهوم الدولة وسيادتها، وتحولت إلى مناطق نفوذ إقليمية ودولية دون أدنى اعتبار للأوضاع التي وصلت إليها شعوب هذه الدول.

المتابع لما يحدث يلاحظ أن 4 دول عربية، على الأقل، مبتلاة بآفتين رئيسيتين تتمثلان في التنظيمات والأحزاب العابرة للأوطان، وانتشار السلاح خارج يد الدولة، بشكل رسّخ نفوذ دول أخرى على حساب الدولة الوطنية التي أُريق دمها على مذبح الأجندات الخارجية على مدى أعوام طويلة مضت.

ما يحدث في طرابلس الغرب وبيروت وصنعاء وبغداد هو الأمر ذاته، وإن كان بصيغ وشعارات مختلفة، فأساس المشكلة هو تراجع سيادة الدولة أمام النفوذ الأجنبي المتمثل في وجود أحزاب وتنظيمات وميليشيات مسلحة قادرة على كسر هيبة القانون والاستقواء على الدولة والشعب، بحيث باتت الأجهزة والمؤسسات تابعة وخادمة لهذه الكيانات، بدلاً من توجيه طاقاتها وقدراتها لخدمة الناس وتمكينهم من العيش بكرامة.


المنطقة تشهد فوضى السلاح المدعوم من دول إقليمية معروفة للقاصي والداني، والمجتمع الدولي يمارس دوراً دعائياً لا أكثر ولا أقل عبر تأكيده الدائم ضرورة الحلول السياسية والحوار، في الوقت الذي تتدفق فيه شحنات الأسلحة ومليارات الدولارات، دعماً لأحزاب وتنظيمات مسلحة ترهب حكومات بلادها وشعوبها.


ما يحدث في دول عربية من تمزّق وعدم استقرار، مرده إلى عدم وجود نية حقيقية لدى المجتمع الدولي لإيقاف التدخلات الخارجية، والجولات المكوكية التي يقوم بها بعض الرؤساء لإظهار مساندتهم ودعمهم للشعوب مجرد ذر للرماد في العيون، وآخر هذه الجولات ما يقوم به الرئيس الفرنسي من دور في الملف اللبناني، إذ تحدث عن كل شيء سوى سلاح حزب الله وولائه العابر للحدود.. فهل يعقل أن تكون هناك دولة ميليشيات داخل دولة، وفي الوقت نفسه حياة سياسية طبيعية؟

بالمحصلة، العالم يريد للعين أن تقاوم المخرز.. فكيف ستقوم قائمة أي دولة لا تسيطر سيطرة تامة على السلاح داخل حدودها، وتتعرض لتغوّل أحزاب موالية بشكل علني لدول أجنبية؟ المعادلة لا تقبل القسمة، فإما دولة وطنية تبسط سيادتها على كامل ترابها، أو «كانتونات» متصارعة، ضحاياها الناس البسطاء من غير المحسوبين على أحد.