الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

هل رضخ أردوغان للإرادة الدولية؟

مع سحْبِه للباخرة، التي كانت تنقب عن الغاز والنفط، والترسانة العسكرية المصاحبة لها من المياه الإقليمية اليونانية، أعطى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانطباع بأنه استسلم للضغوط الدولية، وقد جاء القرار في ظرفية دبلوماسية تصاعدت فيها وتيرة الضغوط الدولية على أنقرة.

دول جنوب المتوسط السبع عقدت قمتها في كورسيكا، وعزمت على اقتراح فرض عقوبات حازمة على النظام التركي خلال القمة الأوروبية المرتقب عقدها في 24 من هذا الشهر، وفرنسا باعت أسلحة نوعية إلى اليونان من شأنها أن تعيد النظر في المعادلة العسكرية الإقليمية.

الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو خرجت من مقاربتها الرمادية، وأطلقت صفارة نهاية اللعب التركي خارج حدوده الطبيعية، وكانت استبقت هذا الإنذار برسالة سياسية لا تقل أهمية، عندما رفعت حظر بيع السلاح على الجزء اليوناني من جزيرة قبرص المتنازع عليها منذ سبعينيات القرن الماضي.


وإذا ما أضفنا لهذه الصورة الوعي الحاد بأن منظومة الحلف الأطلسي التي تنتمي لها كل من فرنسا واليونان وتركيا أصبح مصيرها على المحك، تكتمل ترسانة الضغوط على أردوغان لكي يعيد النظر في سياسته العدوانية في المنطقة، وفي تحديه الصارخ وانتهاكه المقصود للقانون الدولي في محاولة لوضع الحوار الأوروبي والمتوسطي أمام سياسة الأمر الواقع.


أوساط إعلامية أوروبية لم تصدق أن انسحاب الأتراك هو رضوخ فعلي للإرادة الدولية بل تصر على اعتبار هذه الخطوة التركية بمثابة تراجع استراتيجي ينفس الضغط الأوروبي على أنقرة، ويسحب البساط من تحت أقدام دُوله وعلى رأسها فرنسا، التي تصر على فرض عقوبات اقتصادية على تركيا.

المدافعون عن هذه النظرية يشيدون بسمعة الرئيس أردوغان السياسية كممارس ماهر للعبة الشطرنج، التي تقتضي قبول تضحيات آنية بقصد الحصول على مكاسب مستدامة.

رضوخ فعلي أم انسحاب تكتيكي؟.. سيبقى هذا التساؤل مطروحاً بحدة ما دامت القيادة التركية لم تظهر حسن النوايا في علاقاتها مع جوارها.. وبعد شرق المتوسط ستصعد الأزمة الليبية إلى أجندة الأولويات، إذ المطلوب من تركيا أن تسهم إيجاباً في البحث عن حل سياسي بين الأطراف الليبية.. مساهمة تمر حتماً عبر سحب من نوع آخر، وهو سحب للمرتزقة والإرهابيين، الذين زرعتهم تركيا في ليبيا لتحقيق أجندتها، وأطماعها السياسية.