الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

إيران 1979.. ولاية اللافقيه

يذهب «محمد سليم العوا» في كتاب «حوارات في الدين والسياسة» إلى أن «الملا أحمد النراقي» هو صاحب نظرية الولاية في الفقه الشيعي، وقد سبق «الخميني» بقرنيْن من الزمان، لكن نظرية «النراقي» كانت في حدود الولاية الصغرى، أي ولاية الفقيه على اليتامى والأرامل والأَيَامى، ففي هذه الحالات الإنسانية الفقيه هو ولي من لا ولي له.

جاء الخميني ونقل «الولاية الخاصة» إلى «الولاية العامة»، حيث قال في كتابه «الحكومة الإسلامية: « هل كُتِبَ على الإسلام أن يخسر منذ غيبة الإمام الثاني عشر كل شيء؟، إن غيبة الإمام أدَّتْ إلى غياب الدولة الإسلامية، ومن ثم غيْبة الشريعة، لا يمكننا إعادة الإمام الغائب، لكن يمكننا إعادة الشريعة من خلال إعادة الدولة».

قام «الخميني» بتغيير الفقه الشيعي الذي استقر 10 قرون، ليصبحَ الحُكم للفقيه، وليصبحَ «الخميني» نائبًا للإمام الغائب، وعند «الخميني» فإن نائب الإمام أو الولي الفقيه لا يجوز عزله، وتتولى سلطات الدولة إدارة الحياة اليومية لكن الولي الفقيه هو المرجع الأعلى، وله القول الفصل ولا يجوز عصيانه، كما أنه يبقى في موقعه طيلة الحياة يتمتع بكافة السُّلطات، وبلا حدود.


وفي مرحلة التحول الفقهي والفكري عند «الخميني» يذكر «سليم العوا» أن «الخميني» أعاد صلاة الجمعة بعد انقطاعها عند الشيعة لمدة 1000 عام، كما أنه أَمَرَ الشيعة بالصلاة خلف أئمة المسجد الحرام في مكة المكرمة، وكانوا من قبل يبقون في الحرم حتى إذا جاءتْ الصلاة خرجوا ولم يُصلُّوا خلف الإمام، وصلُّوا فرادى خارج الحرم.


كما أن «الخميني» الذي كان يُسمِّى «أبو بكر» و»عمر» بـ «صنمي قريش»، وكان يسُب «عائشة» والصحابة في كتابه «الفتاوى» لم يَعُدْ إلى ذلك أبدًا.

يأخذ البعض ذلك التحوّل على نحو صادق، وليس على محمل السياسة وحدها، ذلك أن «الخميني» كان يتطلَّع إلى حكم العالم الإسلامي سنَّةً وشيعةً، وكانت كل هذه التحولات بمثابة التمهيد لأخذ الشرعية داخل المجتمعات السُّنية ويأخذها البعض ضمن «التقية»، التي تنتهي مع تحقيق الهدف بعالمية الثورة الإيرانية، ليعود إلى أفكاره الأولى.

يذكر «العوا» أن «الخميني» لو امتَّد به العمر لكان قد تبرأ مما كتبهُ في حياته الأولى، والواقع أن «الخميني» قد امتَّد به العمر، ومكثَ في منصب «نائب الإمام» عِقدًا كاملاً من الزمان وكان يمكنه أن يعتذر وأن يُسقط ما مضَى من آراء وأفكار، وهو ما يعزِّز الشكوك حول حقيقة التحولات الفقهية عند «الخميني».

لم يكن مشروع «الخميني» هو الفقه، بل كان السلطة، ولقد خلَّفت هذه السلطة الديكتاتورية المتطرفة عدّة دول فاشلة، إن الأصل في الفقه هو المصلحة، وفهم الواقع، وتيسير حياة المسلمين، ولقد كان مشروع «الخميني» عكس ذلك تمامًا، لا مصلحة ولا يُسر، لا حفظًا للدماء ولا صونًا للأمة، إنّها ولاية اللافقيه!

لقد قاد المشروع الإيراني إلى تمزيق الأمة وجعل المسلمين بعضهم لبعض عدوّاً، ليصبح المشهد الإسلامي في مجمله: هزيمة بلا حرب.