الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

استعادة القضية

اعتبر عدد من المحللين أن توقيع اتفاق السلام بين كل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين مع إسرائيل دليلا على تراجع القضية الفلسطينية، لكن الواقع يقول أن الاتفاق دفع بالقضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام.

خُفوت الاهتمام، وبالأحرى ظهور أولويات جديدة في الأجندة العربية يعود إلى سنة 2003، حين جرى احتلال بغداد بهدف إحلال الديمقراطية، كان المعنى أن احتلال بلد عربي كبير وعريق، أمر هيِّن مقابل الديموقراطية، أي أن استقلال وعدم احتلال الوطن يتراجع أمام إحلال الديمقراطية، ثم جاءت سنوات «الربيع العربي» لتؤكد ذلك، وتضيف إليه أن قضايا كل مجتمع تعلو على أي قضية أخرى بما فيها القضية الفلسطينية، لم يكن غريبا أن يعلق باحث اسرائيلي في نهاية عام 2011، علي أن المليونيات ملأت المدن العربية من أجل الديمقراطية، بينما لم تقم مليونية واحدة من أجل القضية الفلسطينية.

صاحب الربيع العربي ارتفاع موجة الإسلام السياسي، ممثلا بشكل أساسي في جماعة الاخوان، قضية هذا التيار هي تطبيق حكم الشريعة، واستعادة دولة الخلافة على أي أرض.


كل هذا مع مظاهر التشرذم الفلسطيني ـ الفلسطيني وأمور أخرى أدخل القضية في زوايا التراجع أو في باب الهموم المعتادة، التي يولد الانسان ليجدها أمامه ثم يغادر بعد عمر طويل، وهي لا تزال قائمة كما هي.


حديث التطبيع دفع مجددًا بالقضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام، سمعنا كلاما واضحا في حفل التوقيع من وزير الخارجية الإماراتي عن التمسك بحل الدولتين، وتعليق ضم أراضي من الضفة الغربية، بالإضافة إلى تأكيد متكرر من مملكة البحرين على أن السلام مع اسرائيل ليس على حساب الحق الفلسطيني.

الاتفاق فاجأ القيادات الفلسطينية بأن خلافاتهم، صارت الأساس وأن إطاحة كل فريق بالآخرين صارت الهدف، نبّهنا الاتفاق أيضا أن بعض من هذه القيادات يجلس وينسق مع المسؤولين الإسرائيليين بأكثر مما ينسقون ويجلسون معا، حتى أن توجه وزير الصحة الفلسطيني من رام الله إلى غزة، بات يساوي في الأهمية لدى وكالات الأنباء العالمية لقاء مسؤول اسرائيلي كبير مع أي مسؤول عربي.

هذا الإحياء للقضية يتطلب البناء عليه دون إهدار للوقت، وهذا واجب القيادة الفلسطينية، خاصةً وأن هناك أحاديث فلسطينية قاطعة بأنهم لن يسمحوا لأحد غيرهم، أن يتحدث باسم القضية، وأخشى أن يمضي الوقت في هجاء أو المزايدة على اتفاق 15 سبتمبر، ثم تدخل القضية ثانية في باب التجاهل والنسيان أو الهم اليومي المعتاد، الذي يتم تسكينه بعدة ملايين من الدولارات تدفع بها قطر إلى قيادة حماس في غزة.