الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

وساطة روسية بين تركيا واليونان

تدرك السياسة الروسية أن مفتاح حل الخلافات بين تركيا واليونان هو حل الأزمة القبرصية بين قسميها، الشمالي القبرصي التركي، والجنوبي القبرصي اليوناني، والذي فشلت الأمم المتحدة في التوصل إلى حل له بعد جهود دامت لعقود، فاليونان حاولت ضم قبرص إليها كاملة في بداية سبعينيات القرن الماضي، ولكنها قوبلت بتدخل عسكري تركي للحيلولة دون ذلك، حيث تطالب تركيا بالحفاظ على حقوق القبارصة الأتراك المسلمين في شمال الجزيرة، وبالأخص في حقوقهم الاقتصادية والعائدات المالية والحقوق السياسية في مناصب الدولة الفيدرالية التي توافق عليها، وإلا فإنها تعتبر كل حل فيدرالي لا يؤدي إلى المساواة بين القبارصة الأتراك واليونانيين مرفوضا ولو جاء بإشراف الأمم المتحدة.

توقيت إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن استعداد بلاده للوساطة لعقد حوار بين قبرص اليونانية وتركيا جاء في ظروف دولية متناقضة حول الصراع في منطقة المتوسط عموما وقبرص خصوصا، في وقت أعلن رئيس الوزراء اليوناني توجيه رسالتين متطابقتين إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يتهم فيها تركيا بتقويض الجهود الأممية لإيجاد حل للأزمة، وكذلك في وقت أوضح فيه وزير الخارجية التركية جاويش أوغلو أن أثينا وافقت بداية على المبادرة التي قدمها حلف شمال الأطلسي (ناتو) لعقد اجتماع بين القيادات العسكرية في البلدين، لكنها رفضتها بعد ذلك.

العرض الروسي جاء منسجما مع الجهود الأممية فقال لافروف: « إن بلاده على استعداد لتسهيل إقامة حوار بين قبرص وتركيا للبحث عن حلول عادلة وفق القانون الدولي»، كما وجه لافروف انتقاده لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ووصفها بالقوة البعيدة التي تحاول التحريض بين دول المنطقة.


ولكن وبعد أن استجابت تركيا للمطالب اليونانية بالتراجع خطوة في مواقفها لبدء مفاوضات مشتركة بينهما، بأن سحبت سفينة التنقيب إلى الموانئ التركية، هل يتبقَّى دور للوساطة الروسية؟، فالوساطة الروسية استغلت اختلاف الأطراف وتصادمها لإيجاد موطئ قدم لها في الدبلوماسية الدولية في المتوسط، حيث عجزت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا فيها، فإذا ما تمكَّن الطرفان الرئيسيان تركيا واليونان من إيجاد منفذ للتفاوض المباشر حول قضايا الخلاف بينهما بما فيها القضية القبرصية، فإن العرض الروسي سيكون مرفوضا كوسيط بين عضوين من دول الاتحاد الأوروبي، وعضوين من دول حلف شمال الأطلسي الناتو، بينما قد تكون روسيا أكثر حظاًّ في التوصل إلى تسوية في ليبيا إذا ما استطاعت جمع الأطراف المتنازعة فيها على طاولة مفاوضات دوليَّة أيضا.