السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الجزائر.. الدُّستور والسُّلطان

«إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».. أي أن السلطان يستطيع بعدله وحزمه أن يحقق للبشر ما لا يتحقق بالنصوص القرآنية، التي يقرؤها الناس ويمرون عليها مرور الكرام، فمثلاً نجد القرآن ينهى عن الخمر والزنا والكذب والرشوة والسرقة والغش، لكن الناس يسكرون ويسرقون ويزنون ويغشون، غير أن السلطان العادل الحازم يستطيع أن يحمل الناس على كل ما يراه.

إذا كان هذا يتعلق بالقرآن الكريم المنزل من خالق السماوات والأرض والخلائق أجمعين، فماذا نقول عن القوانين الوضعية التي فيها وعليها، وعلى رأسها الدساتير؟

في هذه الأيام يسود النقاش في الجزائر حول تعديل الدستور الذي سيستفتى فيه الشعب بمناسبة عيد الثورة في 1 نوفمبر القادم، هناك من يرى أنه يتضمن مواد إيجابية خاصة في مجال تعزيز الحريات، وهناك من يعتقد أنه يتضمن خللاً كبيراً في مجال توازن السلطات بتعزيز النظام الرئاسي، وهناك فريق ثالث يرى أن المسودة التي عرضت للنقاش أفضل من النسخة النهائية المعروضة للاستفتاء، وفريق رابع يعتقد أنه انحرف تماماً بعدما جعل الأمازيغية لغة رسمية ونصت الديباجة أن الجزائر أرض عربية وأمازيغية أيضاً، وغيرها من القضايا.

والحقيقة أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالدستور، وهذه قاعدة تنطبق على العديد من الدول، فالإرادة السياسية أقوى من أحكام الدستور، فالجزائر عرفت منذ استقلالها عام 1962 عدة دساتير، حتى قيل إنَّ لكل رئيس دستوره. والمشكلة ليست في الدستور بل كانت ولا تزال وربما سوف تبقى في تطبيق الدستور، فكل مسؤول يدوس عليه دوساً، وكل رئيس يغيره متى شاء وبالشكل الذي يخدم السلطان لا الرعية، وقد حدث أن تم تعديله عدة مرات في عهد بوتفليقة الذي حكم الجزائر لمدة 20 سنة، عن طريق البرلمان وليس عن طريق الشعب، ربع ساعة كانت كافية للتعديل من طرف نواب معظمهم اشتروا مقاعدهم على اعتبار أن قانون الانتخابات ينص على أن المواطن لا يختار الأشخاص الذين يريدهم بل ينتخب قائمة الحزب كلها، وتبعاً لعدد الأصوات المتحصل عليها فإن الأول في القائمة هو الأقرب ليصبح نائباً، وبالتالي يتسارع المترشحون لشراء رأس القائمة.

لقد حكمت دول بدون دساتير، وهي تشهد تنمية بشرية متقدمة، وحكمت الجزائر 10 سنوات بدون دستور في عهد الراحل هواري بومدين وكانت أزهى الفترات، وبريطانيا العظمى لا تملك دستوراً أصلاً.. خذوا الدستور وأعطوني حاكماً عادلاً حاسماً وحازماً.

10 سنوات بدون دستور في عهد الراحل هواري بومدين وكانت أزهى الفترات، وبريطانيا العظمى لا تملك دستوراً أصلاً.. خُذُوا الدستور وأعطوني حاكماً عادلاً حاسماً وحازماً.