الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

القنبلة الإيكولوجية ومصير البشرية

عرف العالم عبر الـ100 عام الماضية القنابل التقليدية، وخلال الحرب العالمية الثانية توصل العقل البشري إلى القنبلة النووية، وهناك أنواع أخرى من قنابل الدمار الشامل كالقنبلة الهيدروجينية، النيوترونية، ومع بدايات القرن الجديد انتشرت فكرة القنابل الكهرومغناطيسية.

لكن ماذا عن القنبلة الإيكولوجية، ولماذا هي أشد هولاً من كل أنواع القنابل وأدوات الهلاك التي عرفتها الإنسانية من قبل؟

باختصار غير مخل، إنها تلك الموصولة بالتغيرات المناخية والبيئية والكفيلة بإنهاء حياة البشر مرة وإلى الأبد على الكوكب الأزرق.

القنبلة الإيكولوجية ارتكازها الرئيسي على ظاهرة الاحتباس الحراري، تلك التي ولدتها أنشطة الجشع الإنساني، فقد أهلك الرأسماليون الغابات، وفقدت البشرية جزءاً كبيراً من رئتها التي تتنفس من خلالها، ما أدى إلى تصاعد الغازات الضارة التي جعلت البشرية تعيش فيما يشبه الدفيئة، أي أن الإشعاعات الشمسية الجيدة باتت تنفذ إلى الأرض، فيما الضارة أصبحت غير قادرة على المغادرة.

مظاهر القنبلة الإيكولوجية عديدة ومنها ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، والتي يمكن أن تتسبب في غرق مساحات شاسعة وواسعة من العمران البشري، وقد نشرت بعض الهيئات العلمية الأمريكية، الأيام القليلة الماضية، صوراً متوقعة بالحسابات الهندسية لغالبية، إن لم يكن كافة المدن الكبرى حول العالم، وهي غارقة في المياه وبعضها طمرت عن بكرة أبيها.

جاءت أخبار الوكالات العلمية مؤخراً مثيرة حول كارثة ارتفاع منسوب المياه حول الكرة الأرضية، بعدما تراجعت رقعة الجليد هناك، في 2020 إلى أقل مستوى لها منذ عام 2012، هذا في الوقت الذي يؤكد فيه العلماء الألمان بنوع خاص على أن عام 2050 لن يكون هناك جليد في فصول الصيف في القطب الشمالي، ماذا يعني ذلك؟

يعني أن الطوف الجليدي الذي يتشكل على الماء كل سنة سوف يختفي تدريجياً، كما أن مساحته خلال فصل الشتاء سوف تتقلص أيضاً، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه لتتغير النسبة التي تميز العلاقة بين المياه واليابسة، إذ لن تضحى كما كانت في السابق 79% مياهاً و21% يابسة.

هل الإنسانية مسؤولة بشكل مباشر عن الكارثة الإيكولوجية القائمة والقادمة؟

ذلك كذلك قولاً وفعلاً، والدليل أنه حين التزم سكان العالم بالحجر المنزلي في الأشهر الأولى لانتشار وتفشي وباء كوفيد-19 المستجد، بدا واضحاً أن درجة حرارة الكرة الأرضية قد تراجعت، لا سيما بعد أن توقف نفث مداخن المصانع التي تستخدم الفحم الحجري، من غير أدنى شعور بالخطورة الناجمة عن هذا المسار المهلك للطبيعة، الذي جعلها عدواً قاسياً بعد أن عرفت لملايين السنين بكونها أماً رؤوماً.

الأمر الثاني الذي لا يتنبه إليه الكثير من العوام وربما يخفى بدرجة أو بأخرى عن النخبة، هو أن الصراع الدائر في منطقة القطب الشمالي، قد جعل من الطبيعة الجليدية هناك، موقعاً وموضعاً لصراعات عسكرية، حكماً ستجعل الجليد يذوب، والمياه ترتفع إلى حد غير مسبوق.

ليس سراً أن هناك عسكرة ماضية قدماً في القطب الشمالي، وصراعاً على الثروات الطبيعية الكامنة تحت الثلوج، لا سيما الغاز والنفط والمعادن النفيسة.

عطفاً على ذلك يدرك المتابع لشان القطب الشمالي الأفكار التي تظهر من حين لآخر بشأن شق الجليد وفتح مسارات بحرية تصل العالم بعضه البعض عوضاً عن المساقات التقليدية القديمة.

باختصار غير مخل، الإنسان يسعى إلى تفجير قنبلته الإيكولوجية بنفسه، فانظر ماذا ترى؟