الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

أين النخبة الفلسطينية؟

يؤسفنا في هذا الزمن الفلسطيني المر، أن نرى الأقنعة التي تسقط والقيم التي تتبدل، حتى بات واحدنا اليوم يشك في ذاته وقيمه وصواب اختياره.

وأقصد بكلامي أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، الذين ضحوا طوال 72 عاماً بأنفَس ما لديهم من وقت ومال ودماء، متفرغين لقضيتهم، حاملين هم الانتماءين العربي والإسلامي ومحاور الجذب الأيديولوجي والجغرافي بكل تناقضاتها التي دفعوا ثمنها، منذ جمال عبدالناصر، مروراً بصدام حسين وصولاً إلى أردوغان وخامنئي.

في شعبنا الفلسطيني نخبة المثقفين والمفكرين.. النخبة التي وقفت صامتة طويلاً، واقتصر دورها على تلقي التوجيه والوعظ بل الوصاية من المستويات القتالية في الغالب، والتي أضرت القضية أكثر مما خدمتها، حتى صرنا والإرهاب رديفين، ولا أعتقد أن أحداً يخالفني الرأي بأن عسكرة القضية خارج حدود الوطن في مرحلة الكفاح المسلح، وداخل الوطن بعد اتفاقية أوسلو، ما كانت إلا وبالاً على شعبنا، ندفع ثمنه إلى يومنا هذا.


وعلينا كنخبة فلسطينية تقع مسؤولية توجيه البوصلة نحو وجهتها الصحيحة، عبر التعبير الحر عن موقف شجاع، يدعو القيادة الفلسطينية إلى تعزيز القوة الناعمة لفلسطين على مستويين: العلاقات الفلسطينية العربية، والعلاقات الفلسطينية الدولية، لإقرار كامل الحقوق الفلسطينية في الدولة المستقلة والقدس الشريف، والحل العادل لقضية اللاجئين.


موقف النخبة الفلسطينية يجب أن يدعو إلى إعادة التموضع الإيجابي وسط خريطة التجاذب الإقليمية، ولا تدخل في شؤون الدول الأخرى، عربيةً وأجنبية، ولا حملات تحريض شعبوية تؤدي عكس الغرض المطلوب منها، فليس بالشتم وإحراق الأعلام نسترد حقوقنا السليبة، وقد تزول أسباب الافتراق السياسي بعد حين، ولكن آثار الأذى المضاعف بفعل تأثير وسائل التواصل والإعلام تبقى لأعوام عديدة، سبباً للفرقة بين أبناء الدم العربي الواحد والمسار والمصير الواحدين.

وسؤالي هنا: أين النخبة الفلسطينية مما يجري؟ أين أصوات الاعتدال الفلسطينية التي يصبح دورها في الأزمات والمنعطفات التاريخية أكثر إلحاحاً وضرورة؟.. أين معسكر السلام الفلسطيني الذي حضر خطابه حتى في أدبيات أعرق حركات اليسار الفلسطيني في الثمانينات والتسعينات قبل انتكاستنا بالفكر السلفي والأصولية؟ وصولاً إلى تصدّر الحركات الدينية واجهة نضالنا الوطني مع تغييب كل الفصائل الليبرالية والديمقراطية؟

وعلى مقلب آخر، أين قياداتنا الفلسطينية العريقة في القومية والنضال العروبي والتحرري مما يجري من احتلال تركي مباشر لأراضٍ عربية تساوي بمساحتها عشرة أضعاف مساحة فلسطين التاريخية؟ وأين شعارات الوحدة والأخوة العربية التي تجسدت دماً وفكراً وعمقاً عربياً لحركتنا التحررية طوال عقود؟

.