الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

فرنسا.. والانفصال الإسلاموي

تعيش فرنسا هذه الأيام على وقع جدل مستعر حول قانون مرتقب سيناقشه البرلمان، لبلورة استراتيجية لمحاربة ما بات يُعرف بالانفصال الإسلاموي، الذي يهدد مفاصل الجمهورية الفرنسية ومبدأ العيش المشترك. وستطال الممارسات الدينية وتمويل الجمعيات الناشطة في هذا المجال والتعليم.

وتنتظر الطبقة السياسية الفرنسية من الرئيس إيمانويل ماكرون أن يلقي خطاباً يحدد فيه ملامح المقاربة التي سيقترحها لمحاربة التطرف السياسي والديني بكل أشكاله.

وقد تمّ تأجيل موعد هذا الخطاب مرات عديدة، ما أعطى الانطباع أن قصر الإليزيه لم يتبنَّ بعد أرضية سياسية واضحة ونهائية تجاه هذه الإشكالية التي أصبحت مادة سياسة دسمة لقوى تستعد للخوض في معارك انتخابية صاخبة.


لقد عاش الرئيس الفرنسي طوال الأسابيع الماضية أمام تناقضات أليمة، خصوصاً عندما حقق نقلة نوعية في الكلمات المستعملة للحديث عن هذه الإشكالية. فهو في برنامجه السياسي كان يتحدث عن رفضه للطائفية التي تنسف من الداخل مفهوم العيش المشترك، لكن خصومه السياسيين انتقدوا ما اعتبروه غياب الشجاعة في تسمية الأمور بمسمياتها، وهم يعتبرون أن الخطر الحيوي الذي يهدد الجمهورية الفرنسية يحتضنه التيار الإسلامي المتطرف، الذي ينشر في صفوف شرائح واسعة من الفرنسيين بذور الشقاق والفتنة والانفصال.


وفي منعطف سياسي يحمل دلالات مهمة، تبنّى الرئيس ماكرون مفهوم الانفصال الإسلاموي ليشخّص من وجهة نظر فريقه الحاكم منبع الخطر ومصدر القلق.

وقد قوبلت مقاربة الرئيس ماكرون بترحيب وتصفيق من طرف يمين الخريطة السياسية وتشكيك وانتقاد من يسارها.

وارتفعت أصوات تحذر الرئيس ماكرون من أن حديثاً عن الانفصال الإسلاموي بهذه الطريقة قد يسهم في عملية إلقاء اللوم على مجموع مسلمي فرنسا، الذين تعيش غالبيتهم في ظروف هادئة ومتناغمة تحت سقف الجمهورية.

ويهدف هذا القانون الفرنسي الجديد إلى إيجاد ترسانة قانونية يمكن بموجبها محاربة الخطاب الديني المتطرف، الذي يسعى إلى التعشيش في بيئة معينة، وبذلك يسهم في عزلتها و تقوقعها على ذاتها، وتشجيع النزعات الانفصالية سواء على المستوى الجيوغرافي، إذ يصعب على قطاعات حيوية للدولة الولوج إلى بعض المناطق التي أصبحت شبه موصدة أمامها، أو على المستوى الاجتماعي، إذ هناك خطر لحصول شرخ وقطيعة بين الفرنسيين يسهم في عزلة بعضهم عن بعض، وفصلهم عن الجسم الاجتماعي.