الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

كنا نستحق زماناً آخر

لا أدري كم عدد الملايين في العالم العربي الذين راودتهم أحلام الحرية؟ وأين هم الآن؟ خاصة أن الحلم طال وربما تلاشى أمام إحباطات كثيرة، حيث لا توجد دولة عربية إلا وحلم شعبها بزمان كريم حر لا قهر فيه ولا استبداد.

لقد تبخرت أحلام كثيرة، وبخلت علينا الأقدار والأوطان والأحداث بأن نشاهد يوماً مكاناً لنا بين شعوب العالم الحر.. كل الشعوب العربية حلمت بالحرية بعد أن حررت إرادتها وحصلت على استقلالها.. وهل ننسي تلك الرموز التي حاربت وماتت ولم تبخل بشيء من أجل تحرير شعوبها؟

إننا نؤجل أحلامنا عاماً بعد عام، وهكذا ضعنا جيلاً بعد جيل في أوهام الحرية، حتى تلك الدول التي فتحت أبوابها لهواء نقي سرعان ما تلوثت فيها كل الأشياء، وبدأت رحلتها مع البطش والاستبداد، ونسيت أحلامها في الحرية.. ألم نكن جديرين بأن نكون أحراراً؟.. ألا نستحق أن يكون لنا رأي نُبْديه، وكلمة نكتبها وصرخة نطلقها؟


لقد تغيرت علينا العصور، ومع كل عصر كنا نبني أحلاماً جديدة وسرعان ما يهدأ الحلم وترتاح السفينة وكم من سفائن الحريات قد غرقت في بحار اليأس والإحباط، والآن وقد رحلت سنوات العمر واختفت خلف السحاب سفينة الأحلام، يسأل الإنسان نفسه: هل أسرفنا في أحلامنا؟ وهل غابت عنا حقائق الأرض والناس وأننا غرسنا الأحلام في أرض مالحة أم أن أحلامنا كانت أكبر من زماننا؟


في كثير من الأحيان ألوم نفسي لأنني راهنت علي الحلم الخطأ.. كان من المفترض أن يكون العمر أكثر ثراءً وبهجة وأمناً لو أننا لم نسرف في أحلامنا ولم نبالغ في شططنا.. ربما كنا أسعد حالاً وأكثر رضى.. ربما لأننا لم ندرك الفرق بين أحلام خدعتنا وأوهام ضللتنا وزمان لم يكن رحيماً بنا.

حين أنظر الآن إلى أحوال شعوبنا العربية وأجيالنا المتعاقبة، وأسترجع أحلام كل جيل وحجم ما أصابنا من الإحباطات، أتعجب من قدرة هذه الأجيال على الصبر والتحمل في ظل أنظمة مستبدة اختارت البطش والقهر طريقاً وأسلوب حياة. لا أدري ماذا نُورث لأبنائنا؟.. هل نترك لهم القدرة على الصبر أم القدرة علي الأحلام؟

لم يكن حلم الحرية في حياة الشعوب العربية شيئاً عابراً، أو مجرد رغبة في تقليد شعوب أخرى أكثر تقدماً..

لقد وهبت رموز كثيرة من أجيال متعاقبة حياتها من أجل كلمة كتبتها أو رأي جهرت به أو موقف صدقت معه.. لا يزال بيننا من مات بكلمة ومن دفع حياته ليكون حرّاً.