الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بايدن.. والإسلام السياسي

لم تعد الانتخابات الأمريكية انتخابات وطنية، بل صارت انتخابات عالمية، إنها لا تخص الأمريكيين وحدهم، بل تخص كل شعوب العالم.

إن مشهد انتظار الملايين لمناظرات المرشحين للرئاسة الأمريكية ومعرفة مواعيد المناظرات الثلاث بدقة، تشبه متابعة مباريات كأس العالم، لكن «جدول المباريات» صار «جدول المناظرات»، والاهتمام بالمربع الذهبي الذي سيخرج منه الفائز في السباق الكبير هو الاهتمام ذاته بالثنائي الذهبي الذي سيخرج منهما السياسي الأول في العالم.

ليست الشعوب في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، أو شعوب الشرق الأوسط وشرق أوروبا هم فقط من ينتظرون، هناك قوى عالمية كبرى مثل: الصين وروسيا، وهناك الاتحاد الأوروبي بعواصمه الثلاث الرئيسية: بروكسل وبرلين وباريس.. جميعها تنتظر نهاية السِّباق الكبير.


يأتي سباق كأس العالم للانتخابات هذه المرة ليكون الأهم والأخطر منذ 100 عام، فمنذ الكساد الكبير، والذي واجهت فيه أمريكا الخيار بين الرئيس الفاشل هوفر والرئيس الأسطوري فرانكلين روزفلت، لم يحدث ذلك الاستقطاب في الشارع الأمريكي، ولا ذلك الانتظار في عواصم العالم.


يقول البعض في بساطة تحليلية: إن الصراع الانتخابي الأمريكي 2020، ليس بين «دونالد ترامب» و«جو بايدن»، ولكنه بين موسكو وبكين، حيث تدعم روسيا ترامب وتدعم الصين بايدن، لا يقول بهذا التحليل البسيط جمهرة المحللين المعتادين على شاشات العالم وحدهم، ولكن يقول به أيضاً محللون كبار، ورجال استخبارات من المستوى الرفيع، بل يقوله المرشحان نفسهما، إذ يتهم بايدن ترامب بتلقي دعم من «فلاديمير بوتين»، ويتهم ترامب بايدن بتلقي دعم من «شي جين بينغ».. وسط ذلك كله تحاول المؤسسات السياسية في العالم العربي فهم وقائع ما يجري، وما سيؤول إليه الوضع في حال وصل بايدن أو واصل ترامب، ويردِّد كثيرون أنَّ بايدن كان أحد أعمدة الربيع العربي، وأنّه كان وراء إسقاط الرئيس مبارك في مصر، كما أنه كان مؤيداً لمشروع الإسلام السياسي.

وهذا كله غير صحيح، فقد كان بايدن - خلافاً للرئيس أوباما والمساعدين الشباب - معارضاً لإسقاط مبارك، وكان يرى ضرورة بقائه في السلطة، كما أنه رفض وصفه بـ«الديكتاتور»، كما رفض وصف ما يجري بأنه «ربيع عربي»، وكان مناهضاً لأي مشروعات جديدة للمنطقة.

تحاول الجماعات المتطرفة الترويج لمعادلة «بايدن - الإسلام السياسي»، وإظهار أن العرب محصورون مع ترامب في زاوية واحدة، وأن مجيء الديمقراطيين يعني عودة التحالف الأمريكي الأصولي.

إن ذلك غير صحيح، وهو ترويج دعائي يهدف إلى رفع معنويات المتطرفين عبر الاستقواء بالخارج، وخلف أوهام بشأن تحالفات مقبلة.. لقد انهار المشروع المتطرف في العالم العربي، وسواء كان بايدن يؤمن بذلك أم لا، فإنه لا مستقبل له، لكن المثير حقاً هو أن بايدن لا يدعم هذا المشروع!

من الأنسب أن يستعد العالم العربي للتعامل مع النتيجة أيّاً كانت، ومن المؤكد أن ما حكم سياسات واشنطن في السابق هو ما سيحكمها في المستقبل: إنها المصالح، والمصالح دون غيرها.