السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

المرتزقة.. لا ناقة ولا جمل

كثيرة الأزمات التي مرّت على سوريا، ولكن ليست كالتي تعصف بها الآن، فقد كُشف الغطاء عن هشاشة الجسد السوري، وهي الحقيقة التي لا يحبّذ كثيرون سماعها، ولكن ثمّة دلائل تثبتها، وإلا ماذا نسمي فعل الأطراف المتحاربة من تسليم البلاد ورهنها لمشاريع أيديولوجية بعيدة عن تكوين السوريين مذ نبتت سوريا على أرض المعمورة؟

لا فصل أوّل ولا أخير يلخّص حال السوريين المبعثرين روحاً وجسداً في أصقاع الأرض، وآخر ما أتت عليه الحرب الاستسلام للمشغّلين، والقول: هيتَ لكم، حتى بات العالم يربط كلمة مرتزقة بـ«سوريين»، وهي اللحظة التي ما ظن أشد المتشائمين من السوريين بلوغها.

بلا وطن ولا حدود، ومن سوريا إلى ليبيا، وعبر إسطنبول، يصل آلاف المرتزقة حاملين لواء تمجيد «تركيا» ليقاتلوا مع ميليشيات حكومة الوفاق المدعومة دولياً والفاقدة للشرعية ليبيّاً.


من لم يعرف قيمة الأوطان والدفاع عنها، حتماً سيكون سلعة يستثمرها الآخرون في غير صالح النفس البشرية، ولعلّ التاجر الأكبر في هذا «تركيا» برئيسها الذي يراه المرتزقة بعين قاصر نظرها «القائد الملهم» حتى باعهم بأبخس الأثمان، فـ«أردوغان» هو المعنيّ بهذا، والمرتزقة الذين أرسلهم إلى ليبيا ضحية جديدة لعبثه بحياة الأبرياء على مساحة الوطن العربي بتسويق نفسه المدافع عن المسلمين، فهاجس «السلطان» لا يكاد يفارقه، وهو الراغب بالعودة إلى ما كان أجداده يفعلونه، خراباً وتنكيلاً بالدول العربية من المحيط إلى الخليج.


الأيديولوجيا الإخوانية القائمة على استغلال عواطف الشباب المسلم الجاهل بمشاريع هذا التنظيم الإرهابي، الساعي لإقامة مشروعه السياسي على دمار البلاد ودماء العباد، وكذلك حال الفقر والقهر التي بلغها السوريون في تركيا، والتفكير بالهجرة عبر بوابة ليبيا الأقرب إلى أوروبا، بعد استلام ما أغراهم به من رواتب كبيرة تغطي تكاليف الهجرة الباهظة، هما العاملان الرئيسيان اللذان يستغلهما أردوغان لتنفيذ مشاريعه التوسعية، حاملاً وزر دماء الشباب السوري، ولعلّ عبارة «اتقِ الله فينا يا أردوغان» والتي أطلقها معارض سوري، الذي تبرّأ من ابنه المقاتل في ليبيا، تلخّص حال السخط من تصرفات هذا الرجل باستغلال حاجة السوريين وفقرهم، والتلويح بورقتهم للعالم كلما ضاق الخناق عليه، وإرسالهم للقتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.