الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

فضائيات قيد الحل

ثمة قوانين وأعراف وهي الأقوى للزائر والمغترب، وإن صار مقيماً وحتى مواطناً، فيبقى الناس سفراء لبلادهم الأصلية شاؤوا أم أبوا، أحسنوا أم أساؤوا.

وليس صحيحا فيما عاينت وخبرت عن قرب في عقود من الحل والترحال في مقولة «الناس على دين ملوكهم»، فقد عرفت أشقاء عرباً وأخوة من دولة ذات غالبية مسلمة ومسيحية ويهودية، ما كانوا ممثلين لحكوماتهم بقدر ما كانوا سفراء لشعوبهم.

في حياة الطالب والصحفي اليومية تعرف معادن الناس الحقيقية، في المملكة المتحدة والولايات المتحدة عرفت الشامي والمغربي والخليجي والتركي والإيراني والإثيوبي والإسرائيلي، عرفت الناس شرقاً غرباً سياسياً وشمالاً وجنوباً اقتصادياً، ولم أر أجمل من الجامع المانع وهما اثنان: الشأن المهني والإنساني، مشاعر الفرح والحزن واحدة، وكذلك قيم الخير والشر وإن تشعبت من حولها الغايات والسبل.


أذكر في أواسط تسعينيات القرن الماضي خلطة عجيبة من الإخوة الأعداء من مناطق ملتهبة الجوار الإقليمي، رمضان الفضيل وحّد المتدينين من هنود وباكستانيين وسيريلانكيين وبنغال، فيما وحدت أعياد رأس السنة المجيدة احتفالات غير المتعصبين منهم وجمعتهم مع أقرانهم من المتناحرين في ساحات صراع أخرى في الشرق الأوسط، حول القضية الفلسطينية أو الكردية أو عرب الأهواز!


في تلك الأيام واجهت سيلاً من المشككين بجدوى السلام والفارق بينه وبين التطبيع، لم يميز غلاة طلبة الدراسات العليا من المتشددين دينياً أو سياسياً بين المعلم والطبيب والمدرب الرياضي ومعلمة الموسيقى وقائدة النشاطات اللامنهجية الجامعية، لم يميزوا في التعامل مع أي مما سبق على أسس الجنسية أو الدين، طبعاً هذا أمر طبيعي يكاد يكون بديهياً عفوياً.

لكن سرعان ما كانت زيارة ميدانية مفاجئة لعضو من الصف الثالث من سفارة بلد ما في الشرق الأوسط من عاصمة الضباب (لندن) للجامعة في مقاطعة وست يوركشاير، حتى ترى أشبه ما يكون بالفرار الجماعي من نشاط طبيعي (تطبيعي) حتى لا يقولن أحد: شوهد المذكور!

تلك إما ردة فعل خوف أو شبهة نفاق، وأرجح الأولى فكان الله في عون من يقمعهم نظام أو حزب أو «جماعة».. لستُ أدري لم أذكر هؤلاء كلما شهدت ناعقين على فضائيات النفاق والشقاق، أتراه هلع أم رياء خوف من بطش أم طمع في جشع؟

كلها أسابيع وربما أيام، وتلتحق دول أخرى بقافلة السلام، دول فيها فضائيات سيصار إلى تغيير القيّمين عليها أو حلها! أحياناً يبدأ الحل بالحل، واللبيب بالإشارة يفهم.