الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ماكرون.. والعنوان الخطأ

4 عقود منذ تأسيس حزب الله، وهو يستقوي على الدولة اللبنانية جهاراً نهاراً، ويتغول على لبنان شعباً ومؤسسات فارضاً إرادته بقوة السلاح، ومعلناً للجميع أن ولاءه للخارج وأن تبعيّته لسادة طهران دون خجل ولا وجل، وبعد كل هذه السنوات يطل علينا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متفاجئاً مما يحدث، معتبراً أن الحزب لا يمكن أن يكون ميليشيات مسلحة وحزباً سياسياً مسؤولاً في آن واحد.

ماكرون خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد فشل رئيس الوزراء اللبناني المكلف، مصطفى أديب، بتشكيل حكومة جديدة، ظهر مستغرباً ما آلت إليه الأمور وكأن ما حدث لم يكن متوقعاً بل إن تعابير وجهه أقرب إلى وقوع مفاجأة مدوية على الساحة الدولية، في الوقت الذي كان فيه أقل الناس اهتماماً بالسياسة يدرك بأن حزب الله ومَن يسير في ركبه يشترون الوقت حتى تهدأ عاصفة انفجار مرفأ بيروت، لتعود «حليمة إلى عادتها القديمة».

يبدو أن الرئيس الفرنسي انتشى بعد ظهوره بين الحشود وسط بيروت، لدرجة أنه نسي أن الشارع اللبناني آخر من يؤخذ برأيه، فالشعب المحب للحياة والمنفتح على العالم والمتطلع للمستقبل لم يكن يوماً ضمن أولويات الحزب ومن لف لفيفه، وهؤلاء يتقنون اللعبة جداً، لذلك أفسحوا المجال أمام ماكرون ليظهر زعيماً شعبياً للبنان، يقطع الوعود ويضع جدولاً زمنياً لتشكيل الحكومة، فيما هم موقنون بأن مفاتيح اللعبة في جيوبهم، وأن مصالحهم لن تُمس ولن يمر شيء يخالف توجهاتهم وأجنداتهم.


تشكيل حكومة لبنانية يبدأ من طهران وليس من لبنان، وعلى الرئيس الفرنسي أن يدرك تماماً أن إيران لطالما اعتبرت سوريا ولبنان واليمن ومضيق هرمز وأمن الخليج واستقراره أوراقاً تفاوضية، فكلما اشتد عليها الخناق حركت أحد أتباعها ليخلط أوراق المنطقة رأساً على عقب، وكل هذا يجري في الوقت الذي تقف فيه فرنسا ودول أوروبية أخرى في وجه سياسة «الضغط الأقصى»، التي تمارسها واشنطن على طهران، لتفتح للنظام ثغرة تمكنه من الاستمرار في ممارساته.


الرئيس الفرنسي يعي تماماً أن حزب الله يُدار من طهران، ومع ذلك يتوجه للحزب ويخيره بين أن يكون حزباً سياسياً أو ميليشيات عسكرية، وكأن مَن في الضاحية الجنوبية هم من يقررون.

سيد ماكرون أخطأت العنوان! فتشكيل الحكومة اللبنانية يمر عبر علي خامنئي لا عبر السياسيين اللبنانيين.