الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

مخاطر.. حول بيروت

ربما لم تتعرض عاصمة عربية لما تعرضت له بيروت من مخاطر وحرائق في حقبتنا المعاصرة، حرب أهلية عام 1975، أدت إلى اجتياح إسرائيلي لها عام 1982، ثم تدمير إسرائيل لها عام 2006، إثر مناوشات مع حزب الله، وأخيراً حريق المرفأ يوم 4 أغسطس الماضي، الذي نتج عنه تدمير ربع المدينة وهدم عدد غير قليل من مبانيها التراثية، حيث نجت هذه المباني من الحرب الأهلية، لكن حريق نترات الأمونيوم أتى عليها.

كل الحرائق السابقة كانت تدفع العرب للتضامن والتكاتف مع لبنان، وكانت تقوي عزيمة اللبنانيين لمواجهة التحدي، لكن هذه المرة الأمر مختلف.

صحيح أن الدول العربية تضامنت وقدمت يد العون للبلد الشقيق، لكن الأزمات السياسية في لبنان أكبر، فضلاً عن أن عدم التفاؤل يسيطر على كثير من المواطنين، ومصدر عدم التفاؤل والقلق يأتي من مرور حوالي شهرين على الحريق ولم ينتهِ التحقيق في ملابساته ولا من المسؤولين عنه، الواضح أن التحقيق لن يتم والكل يعرف، ولا أحد يملك الجرأة على الكلام، كان من المقرر أن ينتهي التحقيق خلال 5 أيام على الأكثر، طبقاً لتصريحات الرئيس عون ورئيس الوزراء.


وربما بسبب هذا الخوف، تقدم حوالي 800 ألف مواطن ومواطنة، والمراقبون يذهبون إلى أن أكثر من نصف هذا العدد من المسيحيين ومن أهل السنة، بطلبات لمغادرة لبنان، ما قد يؤدي إلى خلل في التركيبة السكانية والطائفية فيه، وساعتها يصير حلم الدولة المدنية بعيداً تماماً، الأمر الذي دفع رابطة الحوار الثقافي في لبنان إلى مناشدة السفارات الأجنبية عدم منح تأشيرات السفر خوفاً من ازدياد الأعداد، وهي في الواقع مرشحة للازدياد.


لبنان في خطر حقيقي، ووزير خارجية فرنسا أشار في تصريح له مؤخراً، إلى أن لبنان مهدد بالزوال، والرئيس عون نفسه حذَّر، الأسبوع الماضي، من أن لبنان يسير إلى جهنم، إذا تعثرت جهود الإصلاح وهي بالفعل متعثرة، وفي صباح السبت الماضي وقع ما حذّر منه الرئيس عون، حيث اعتذر رئيس الحكومة المكلف عن عدم قدرته على تشكيل الحكومة، والسبب المباشر أن الطائفية ورموزها ما تزال تسيطر وتتسلط، وبدلاً من أن تدفع كارثة المرفأ إلى مراجعة كثير من السياسات والمواقف، جعلت كثيراً من القيادات يتشبث بامتيازاته ومواقعه.

الغريب أن وسائل الإعلام العربية، ومعها (سوشيال ميديا)، شغلت الرأي العام بحديث وقضايا التطبيع، مع تغييب متعمد لواقع بلد عربي مهدد بالفعل في سيادته، وفي وجوده.