السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أوروبا.. و«دائرة السلام في الشرق»

فور الإعلان عن التقارب العربي الإسرائيلي الذي جسدته اتفاقات السلام التي وُقّعت بين الدولة العبرية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، سارع معظم الدول الأوروبية لمباركة هذه الخطوة باعتبارها اختراقاً قوياً على طريق تحقيق التفاهم التاريخي والتعايش السلمي بين دول المنطقة، التي كانت منخرطة في حرب باردة طويلة الأمد، وفي قطيعة وأدت أمال أجيال.

لقد حظي الحدث باهتمام ملحوظ من طرف الدوائر الإعلامية، بالرغم أن البعض تحدث في آخر المطاف عن تغطية محتشمة كان من المفروض أن تكون أكثر زخماً، نظراً لصبغة الحدث التاريخية.

وعزى بعضهم هذه الظاهرة إلى كون مراكز القرار الدبلوماسي الأوروبي لم تستشرِ في مجمل خطوات هذه المبادرة.. مذكرين بما يشبه التجاهل الذي طالهم خلال فترة بلورة ما عُرف بصفقة القرن من طرف مستشار الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر، الرجل المنتج والمحرك لهذا المشروع.


بعد إخراج دائرة السلام إلى الوجود تنفست دول الاتحاد الأوروبي الصعداء، لأن منطق هذه الاتفاقيات ينقذ عقيدتها في المنطقة المبنية على أساس حل الدولتين.


صفّقت هذه الدول، لأن ما قامت الدول العربية الموقعة على اتفاق السلام يعفيها من المقاربات العقابية، التي كان من المتوقع أن تتخذها في حال أصرت إسرائيل على تنزيل سياسة الضم التي هدد بها بنيامين نتنياهو، مدعوماً من طرف الإدارة الأمريكية.

كان هناك ترحيب سياسي وإعلامي من مختلف رموز الطبقة السياسية الفرنسية، التي يرتبط معظمها بروابط دعم تاريخي لدولة إسرائيل وتفهم لاحتياجاتها الأمنية، وفي جمهور المهنئين لم يُسمع صوت ينتقد هذه المبادرة، لأن مبدأ التعايش راسخ في مخيلة العقل الأوروبي التوَّاق للسلم بين العرب والإسرائيليين.

لكن في المقابل كان هناك داخل هذه الأصوات الأوروبية المؤيدة تيار قوي يدعم حق الفلسطينيين في الحصول على وطنهم القومي،، ولا يريد أن يمنح «شيكاً» على بياض لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهو تيار مكون من رصيد نضالي لديه قناعة قوية، مفادها أنه في غياب حل الدولتين سترغم إسرائيل على العيش مع الفلسطينيين في نظام التمييز العنصري مع مواطنين درجة ثانية، يشبه في شكله نظام الأبارتايد، الذي عاشته جنوب إفريقيا لعقود.. وضع يراه أصدقاء إسرائيل الأوروبيون من أخطر التهديدات الوجودية على الدولة العبرية في السنوات المقبلة.