السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

في وداع أمير الإنسانية

ليس باللسان وحده نعبر عن أفكارنا وإنما نعبر عنها بأعمالنا.. حكمة قديمة تجسدت في سيرة المغفور له صاحب السمو الشيخ صباح أحمد جابر الصباح رحمه الله أمير دولة الكويت، الذي حط رحاله عند رب رؤوف كريم بعد أن خدم شعبه ووطنه خدمة استثنائية ورفع قدره وشأنه.

لقد قام بدور حاسم في قيادة الكويت لأكثر من نصف قرن حتى قبل استقلالها من الاستعمار البريطاني، فقد عين وزير الإعلام في المجلس الوزاري الأول الذي تشكل عام 1962، وبعده وزير الشؤون الخارجية، ثم رئيس الوزراء، وأخيراً تولى منصب الأمير الـ15 لدولة الكويت في 2006، واستطاع بقيادته الحكيمة أن يرتقي بدولة الكويت إلى مصاف الدول المتقدمة، وبغيابه انطوت صفحة مشرقة من التاريخ العربي والإسلامي كتبها بحروف من ذهب، قائد فذّ حفلت مسيرته القيادية للشعب الكويتي والشعب العربي بمبادرات وإنجازات ونجاحات ستبقى محفورة للأبد في ذاكرة الشعب الكويتي والوجدان العربي والإسلامي.

تجلت عبقرية الشيخ صباح القيادية على مستويات عديدة جعلته قائداً وطنياً وإقليمياً ودولياً، أولاً في انتهاجه سياسة خارجية حكيمة ومتوازنة ودبلوماسية وقائية، وثانياً دوره القيادي في تحرير البلاد من الاحتلال العراقي الغاشم عام 1990، وثالثاً جهوده المشرقة لتوحيد الصفوف العربية من خلال سعيه الحثيث لحل الخلافات العربية تحت راية مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية.

كما كان له دور فعال في توحيد الإمارات السبع (الإمارات المتصالحة) لإنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوحيد اليمن الشمالي والجنوبي. داخلياً، وضع بلاده منذ توليه إمارة الكويت على طريق التقدم والازدهار.

إنسانياً، قدم مساعدات إنسانية غالية لمبادرات العمل الخيري والإنساني عالمياً، إلى أن ارتبط اسمه واسم دولة الكويت بالعمل الخيري والإنساني، والدليل على هذا تكريمه من طرف منظمة الأمم المتحدة له بوسام قائد العمل الإنساني عام 2014، إلى جانب جهود المنظمات الكويتية العاملة في حقل العمل الخيري والإنساني في أنحاء العالم بما فيها الهند أيضاً.

ظل الأمير الفقيد وفياً للقضية الفلسطينية وداعماً كبيراً لحقوق الفلسطينيين، ومناصراً عظيماً للمسلمين حول العالم، وربطت الفقيد علاقات وثيقة بالهند وشعبها، ففي عهده شهدت العلاقات الهندية ـ الكويتية حميمية استثنائية تجلت مظاهرها في زيارته إلى الهند عام 2006، وفي المعاملة الكريمة التي تتلقاها الجالية الهندية في الكويت، وقد كرمته الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي بمنحه شهادة دكتوراه فخرية، وتسمية مكتبة المركز الثقافي العربي الهندي فيها باسمه.