الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الإرهاب القانوني

رغم أن القوانين تُسن لتطبيق العدالة وتنظيم إيقاع الحياة حتى لا يبغي طرف على آخر، ولكن عبر العصور خُطت بعض القوانين كأداة إرهاب للسيطرة على الآخرين أو ابتزازهم.
ولتمرير القانون الإرهابي لمصلحة من شرّعه، فإنه يُغلِّفه بعبارات وكلمات ظاهرها العدالة وباطنها الخبث، حتى ينطلي على الطرف المستهدف وتقيد من رفضه وتضمن تنفيذه.

وأحياناً قد تكون القوانين طاهرة كطهارة ثوب مريم بنت عمران، ولكن هناك من يحورها لمصالحه الضيقة وأغراضه الدنيئة، وينزع عن القانون عباءة العدالة ويلبسها عباءته، التي يتخفَّى بها لتحقيق مآربه، وذلك من خلال تفسيراته وتأويلاته.

ومن طرق تطويع القانون فيما يصب في مصلحة طرف دون آخر هو استخدام البعض القانون كسلاح فتّاك وفعّال، كما هي الحال عندما تستخدم الدول في صراعاتها المختلفة القوانين لتصفية حساباتها السياسية أو الاقتصادية، حتى دخل سلاح القانون في الحروب الثقافية والاجتماعية بين الأُمم، كما أن القوانين تلعب دورها المؤثر في ترجيح كفة طرف على آخر في حالة الحروب واستغلال الكوارث والأزمات.

وكما هو معلوم، أن أيَّ قانون يتم سنه يجب أن يأتي ثماره، ويبسط العدالة على الساحة التي حددها القانون لنفسه، إلا أن التساؤلات لا تنتهي عندما لا يكون للقانون تحت مسمياته المختلفة قيمة عمليَّة فيما شُرِّع له، وقائمة الأمثلة تطول على الأحكام والقرارات غير المطبقة، كالقرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن الدولي، ولم يتم تطبيق إلا القليل منها، وذلك في حالة تمرير أجندات ومصالح دول كبيرة ضد دول صغيرة.

وعندما تتعارض مصالح الدول ذات النفوذ في تمرير قرارات دولية، فإن بعض الدول تلجأ لإصدار قوانين خاصة ضد الآخرين، كقانون «نوبك» الذي أصدرته أمريكا ضد منظمة «أوبك»، وقانون «ماغنيتسكي» الأمريكي الموجه ضد روسيا، ويمكن أن يتعداها إلى دول أخرى، وكذلك ما صاحب من اعتراضات دولية حول مشروع قانون النشيد الوطني الذي فرضته الصين على هونغ كونغ، وهناك قوانين أخرى مشابهة يصنفها البعض أنها تطبق العدالة، بينما يراها الآخرون أداة لإرهاب الدول والأفراد.

وأحياناً تُسن القوانين ليس ضد طرف معين لإرضاخه ولكن لضمان عدم استفادة الآخرين من التعامل مع هذا الطرف، وبذلك تحقق الدول صاحبة القوانين مصالحها الخاصة على حساب مصالح الآخرين، ويمكن أن نطلق على كل ذلك مصطلح (الإرهاب القانوني).