الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

وإن ضعفت.. ستبقى أمريكا

ما تزال الولايات المتحدة الدولة الأقوى في العالم، شاء أعداؤها أم أبوا، وما تزال تقود العالم سياسياً وعسكرياً وتقنياً واقتصادياً، فالنظام المالي العالمي يُدار بعملتها وعبر مؤسساتها المالية، والعالم ينتظر منها حلولاً لأزماته الاقتصادية والسياسية والأمنية، وستبقى الأمور هكذا لثلاثة عقود، وهذه حقيقة يُقر بها الخبراء، من المؤيدين والمناهضين للسياسة الأمريكية.

عندما عصفت الحروب العنصرية في دول البلقان في تسعينيات القرن الماضي، لم تستطع دول أوروبا الكبرى، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، أن توقف مذبحة البوسنيين والكوسوفار، ما اضطر الولايات المتحدة برئاسة بيل كلينتون إلى عبور المحيط الأطلسي بطائراتها المقاتلة لإيقاف المذبحة، التي ستبقى وصمة عار في جبين أوروبا على مر الأزمان.

وعندما واجه العالم إرهاب القاعدة وطالبان، تصدت الولايات المتحدة لإيقاف هذا المد الإرهابي الظلامي المتغطرس، بعدما وقعت هي نفسها ضحيةً له، فأوقفت منابع تمويله وحاصرته في كل زاوية، ليست هذه تبرئة للأخطاء الأمريكية الكثيرة، التي خلقت مشكلات وأزمات في مناطق عديدة: العراق مثالاً.


وعندما واجه العالم أزمة مالية خانقة عام 2008، اتجهت الأنظار إلى الولايات المتحدة لتجترح الحلول، وقد فعلت، إذ سخّرت إدارة الرئيس باراك أوباما مؤسساتها وشركاتها ومصارفها للتغلب على الأزمة، التي تولدت جزئياً بسبب الأخطاء والحروب غير المدروسة في عهد الرئيس جورج بوش الابن، لكن ما يسجل على إدارة أوباما، أنها انسحبت من العراق وتركته للذئاب، ما شكل فرصة نادرة للنظام الإيراني لملء الفراغ، وانتهى الأمر بسيطرة عشرات الميليشيات على الدولة العراقية، وارتكابها جرائم قتل وخطف ونهب.


إدارة الرئيس دونالد ترامب سلكت نهجاً مختلفاً عن الإدارات السابقة، الجمهورية منها والديمقراطية، فتصدت للدول المارقة، كإيران وكوريا الشمالية، لكن نهجها كان انعزالياً، فأدى إلى إضعاف نفوذ الولايات المتحدة وإثارة الشكوك في قيادتها للعالم، حتى بين حلفائها في أوروبا وآسيا، التخبط الداخلي والخارجي في سياسة ترامب أضعف احتمالات إعادة انتخابه لولاية ثانية.

لا شك أن هناك قوى دولية صاعدة، كالصين والاتحاد الأوروبي والهند، قد تتجاوز الولايات المتحدة يوماً، لكن هذا لن يحصل قريباً، ما يعني أنها ستبقى القوة الأعظم خلال العقود الثلاثة المقبلة، والتوهم بأن أمريكا أصبحت ضعيفة، وأن قوى أخرى تتحداها هو جهل بالحقائق أو إغفال لها.

العالم العربي مدعو للتقارب والتكامل والتعاون لدرء الأخطار المحتملة، فالتحالفات الكبيرة، فقط، يمكنها أن تصمد في المستقبل.